فهد بن جليد
في الإسكندرية أطلق مجموعة من الشبان والفتيات مبادرة وتجربة اجتماعية فريدة، تتمثل في توفير الخضار والفواكه (بسعر الجملة) دون أي أرباح؛ من أجل مساعدة المواطن الغلبان لمواجهة جشع بعض التجار، وتجاوز موجة الغلاء التي تشهدها الأسواق المصرية مع تغيُّر سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
مثل هذه التجارب والمبادرات التطوعية الشبابية لافتة، وجديرة بالتقدير والاحترام، وأنا أعرضها هنا حتى تتمكن الكثير من فِرق التطوع الشبابية السعودية من تقييمها، والاستفادة منها في جهودهم المتواصلة لمساعدة بعض الأسر والمحتاجين في الكثير من المناطق والقرى. لاحظ أن الخضار في القصة السابقة لم يُقدَّم مجانًا، بل تم توفيره بسعر الجملة دون أن يتحمل المستهلك أي تبعات أخرى. وهي نافذة جديدة، تضمن استمرار وتدوير الأعمال التطوعية ومساعدة غير القادرين. ويمكن للجمعيات الخيرية التي تعيقها ميزانياتها وظروفها المادية عن دعم المحتاجين والأسر أن تتبنى مثل هذه الفكرة، دون أن تخسر ريالاً واحدًا؟!
تطوير العمل التطوعي والخيري؛ ليتكيف مع الظروف المحيطة بالناس ضرورة ملحّة؛ فما لا يُدرك كله لا يُترك جله؛ لذا الجمعية غير القادرة على تقديم (دعم مالي) مباشر، أو (توفير الاحتياجات) للأسر التي تخدمها، هي مدعوة للتفكير بمثل هذه الطريقة ولو عبر مهرجانات تسوُّق، تخلق مناخًا جديدًا لتوفير احتياجات الأسر بأسعار خاصة، وبأقل من سوق التجزئة، بما يحفظ للأسرة المحتاجة وأطفالها كرامتهم. وأعلم أن هناك بعض الجمعيات سبق أن نظمت مثل هذا العمل على نطاق ضيق، لكنه يبقى عملاً موسميًّا محدودًا، وما نحتاج إليه هو التفكير في التحرُّك الجماعي لأكثر من (جمعية) من أجل تخصيص (جزء دائم) من سوق أو مول لهذه المنتجات الخيرية، يتم دعوة الأسر المسجَّلة فقط للاستفادة منه، والتسوُّق بحرية لكل ما تحتاج إليه، وبسعر التكلفة. وهنا لن تخسر الجمعية ولا رجل الأعمال، بقدر ما تتحد جهودنا لتقديم خدمة خاصة مجتمعية لفئة عزيزة على قلوبنا جميعًا!
لنبدأ بالخطوة الأولى.. ومَنْ يدري؟ لربما شارك الكثير من رجال الأعمال بتوفير جزء من منتجاتهم في هذا السوق (بسعر التكلفة) دعمًا للعمل الخيري والأسر المحتاجة بيننا، دون أن يكون هناك خسارة (ريال واحد) على أي طرف؛ فالسوق أو المول قائمٌ في الأصل لعموم المتسوقين، وما حدث هو تخصيص جزء منه لمثل هذا النشاط الخيري؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.