محمد المنيف
لم يمر على الفن التشكيلي المحلي على مدى عمره الزمني الذي تجاوز الستين عاما مثل ما هو عليه الآن من توجه لدخول هذا الفن في عالم الاستثمار نتيجة ما أحدثته كبريات الشركات المتخصصة في الفنون على إبداعات الشرق الأوسط ومنها مزاد دار كريستيز التي تأسست عام 1766م وسوذبيز الذي تأسس عام 1744م ولا زالا الأبرز والأكثر فروعا في العالم وصلت أنشطتها إلى العالم العربي في دبي والدوحة ومصر، تقتني أعمالا شرقية أو تعلن عن مزادها للراغبين في بيع مقتنياتهم النادرة أو الحديثة بعد اطلاع القيمين والمستشارين اقتصاديين وأصحاب الخبرة في الأعمال الفنية وتاريخها وقيمتها الفنية.
هذا التحرك العالمي نحو الشرق أحدث حراكا في كل الوطن العربي وكان للكثير من مقتني اللوحات والأعمال الفنية من العرب مكاسب كبيرة في هذه المزادات بتقديمهم أعمال استحقت البيع بالملايين، ما دفع أجيال الفن إلى رفع مستوى الحلم من المحلية إلى العالمية بدءا من حدود المكان والقدرات بأن تجد أعمالهم مساحة من التسويق فأصبحوا مثل فراخ الطير التي تتحين وقت إطعامها من قبل أصحاب الصالات أو المؤسسات التي بدأت تنتشر لتسويق الأعمال الفنية بحجة تشجيع المواهب والأخذ بأيديهم، وهي حجة مقبولة إذا عملت بالشكل أو الطريقة القانونية التي تحفظ للفنان أو الفنانة حقها في بيع اللوحات لا أن يستغل الشباب مقابل قيام الصالة أو المؤسسة بطباعة أعمالهم في إصدار المعرض، ثم يقوم صاحب المؤسسة أو الصالة أو من أقام لهم المعرض داخل المملكة أو خارجها ببيعها بأسعار تفوق ما دفع لهم.
لقد بدأ البعض من هؤلاء المستثمرين في الفن التشكيلي بنصب شباكهم للشباب خصوصا من يحملون مواهب مقنعة للمقتني ليصطادوهم بكلام معسول مغلف بوعود بأن القادم سيعوضهم عن أي خسارة.. مساحات تؤجر بمبالغ أعلى من قدرة الفنانين في مزادات أو مناسبات ثقافية أو في بازارات يختلط فيها الحابل بالنابل، منتجات أطعمة وملابس وفنون تشكيلية.. لا نعلم أين القواسم المشتركة بينها.