سعد بن عبدالقادر القويعي
كان أجمل ما جاء في كلمة رئيس حملة «السكينة» الشيخ عبدالمنعم المشوح، - وخصوصًا - في ظل الاستهداف الواضح لفئة الشباب؛ كونهم الأكثر تأثرًا، وتأثيرًا بالأحداث التي تجري في المنطقة، والتركيز على الإدراك، والمعرفة كمنبع؛ للتأثير في عقول الشباب، وذلك من خلال بث معلومات في وسائل التواصل الاجتماعي، هو دعوته إلى: «ضرورة إنشاء جيش إلكتروني معرفي مكون من طلاب المدارس، وما له من دور فعال في محاربة الفكر المتطرف إلكترونيًا، باعتبار أن الجزء الأهم من الحرب على الإرهاب، هو الجزء المعرفي، وإدارة الرأي العام؛ لبتر الإشاعات، ونبذ الأفكار المتطرفة، التي تعد من مسؤولية المجتمع».
قضية التطرف، والإرهاب، والخطر المحدق بفئة الشباب، وحمايتهم من خطر تجنيدهم في صفوف التنظيمات المتطرفة، ومن الحرب التكنولوجية في ساحات مواقع التواصل الاجتماعي، سواء أكان فكريًا، أم تدميريًا، أم غيرها من الأفكار التي تشوه أفكار الشباب، ورصد المنطلقات الأيديولوجية، والدوافع السياسية، هي أهم قضية تواجه العالم اليوم؛ ولأنها تظل مع الأسف الحقائق التي لا يمكن تجاهلها، أو رفضها، ومن ثم يجب أن يتم تفهم الأسباب الجذرية للإرهاب، بعيدًا عن أية اعتبارات أخرى، وهذا هو حجر الزاوية في عقيدتهم.
لا يوجد مجتمع يمكن حمايته تمامًا من التطرف؛ لأن التطرف - في حد ذاته -، هو فكرة، وعقيدة، يجب مواجهتها على كافة الأصعدة، وتبني منهج أكثر شمولاً، من خلال التركيز بشكل متساوٍ على كافة أشكال، وصور التهديد، بما فيها، الأيديولوجية التي تعد صميم هذه الظاهرة، فالبداية الحقيقة لعملية إيجاد الحلول، ووضع الاستراتيجيات لمواجهة هذه الظاهرة، والحد منها في المجتمعات، تقتضي بيان نواة الفكر، وأن منبعها الإدراك، وطرح محتوى فكري معتدل، وزيادة مستوى إدراكه؛ من أجل نشره بأسلوب منطقي؛ للتأثير في الآراء المحيطة به.
إن العمل على خلق بيئة مواتية لرفض الفكر المتطرف، وذلك لمنع تجدد التهديد، - خصوصًا - بعد تحول عدد من دوله إلى وعاء يجند الشباب نحو التنظيمات الإرهابية، يلزم منه تحديد أهداف الإرهابيين من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وتطورها من الجانب - الدعائي والإعلامي - الترويجي، والداعي إلى التجنيد المباشر، والاستقطاب. وبدون وعي حقيقي بخطورة الحرب الفكرية التي تشنها الجماعات الإرهابية؛ لتفكيك مؤسسات الدولة، فإن خطورة ما سبق من اتساع حجم شريحة الشباب، وتزايد استخدامهم لتكنولوجيا الاتصالات الحديثة، وتعرضهم إلى الرسائل السياسية والإعلامية التي تبثها التنظيمات المتطرفة، قد تشكل خطرًا لمن تأثر بشكل مباشر بحسابات، وصفحات دعائية، - لا سيما - بأفراد، وجماعات، يركزون على ترويج ثقافة التطرف.
أهمية الاستثمار في عقول الشباب، وطاقاتهم، وضرورة حمايتهم من الفكر الإرهابي، تستدعي - كذلك - مكافحة الفكر المتطرف، وتوعية الشباب، وحمايتهم من الانجراف وراء الشائعات، والأفكار الدخيلة على المجتمع، وزعزعة الأمن الداخلي. وفي المقابل ضرورة العمل على نشر الوسطية في فكر الشباب، وحماية النسيج الوطني، ومحاربة جهود أصحاب الفكر المتطرف عن طريق نشر، وتعميم الأفكار المعتدلة للإسلام الحقيقي، بما يعكس رؤية شاملة؛ لمواجهة التهديد المتنامي لتلك الظاهرة.