جاسر عبدالعزيز الجاسر
حينما يشعر المواطن وابن البلد بمزاحمة الوافد له في عمله وفي تحصيل رزقه، لا بد وأن يتخذ موقفاً سلبياً تجاه ذلك الوافد، العديد من الدول الأوروبية تشهد اتساعاً في تنامي العداء للمهاجرين سواء من جاؤوا ضمن الموجة الأخيرة للاجئين الهاربين من الحروب والساعين إلى دول تضمن لهم العمل، ولأن هؤلاء الوافدين معظمهم يقبل بأجر أقل وبكثير مما يتقاضاه أبناء البلد الذين يتحملون تمويل الخدمات والأموال التي تصرفها حكوماتهم حتى على الذين يزاحمونهم العمل، إذ هم ملزمون بتقديم الضرائب حتى على منازلهم، فيما يحصل الوافد مهاجراً أو لاجئاً على مساعدات اجتماعية مالية وبعضهم لا يدفع ضرائب، ولهذا فقد تنامت حالات العداء للوافدين بغض النظر عن دياناتهم وجنسياتهم، ففي بريطانيا ينظر البريطانيون وبالذات الذين صوتوا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى الأوروبيين الشرقيين كمتطفلين ومزاحمين لسوق العمل يستنزفون ملايين الجنيهات المخصصة للرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية، ولأنهم كمواطنين ملزمون بتمويل ما يقدم لهؤلاء الوافدين من الأموال من خلال التزامهم بتقديم الضرائب، وفي الولايات المتحدة الأمريكية ينظر الأمريكيون للقادمين من دول أمريكا اللاتينية من مكسيكيين وكوبيين وجاميكيين، وكل من يتكلم الإسبانية على أنهم مهاجرون مزاحمون لهم في الوظائف وكونهم يقبلون بأجور أقل فإنهم يستحوذون على معظم الوظائف، ولذلك فإن العديد من الأمريكيين صوتوا للرئيس الجديد ترمب ورجحوا فوزه، ومع أن بعض المحللين ذكروا أن الأمريكيين الأقل حظاً في التعليم الذين تقل فرص حصولهم على الوظائف هم الذين صوتوا لترمب، فإن ذلك لا يقلل من أهمية هذه الشريحة وحقها في الحصول على نصيبها من العمل في وطنها، وحقها أيضاًَ في دعم من يعمل على تضييق الفرص على من يزاحمهم في رزقهم وفي بلدهم.
إلى جانب ذلك أصبح الخوف والتوجس من المهاجرين يستوطن الأمريكيين والأوروبيين معاً بعد أن نسبت أغلبية الأعمال الإجرامية خاصة العمليات الإرهابية للمهاجرين الذين يأتي أغلبهم من الدول التي تشهد معارك وأعمالاً حربية ومن دول لا تدار أو تحكم من قبل حكومات قادرة على ضبط الأمن وفرض النظام والقانون، وكون هذه الدول جميعها -للأسف- دول إسلامية فإن من ينتمون إليها من مهاجرين وحتى مسافرين لإنجاز أعمال تجارية أو خاصة فإنهم عرضة للمنع أو الشبهة والريبة، خاصة أن الدول التي تقدم على منع رعاية تلك الدول، لديها معلومات عن تورط أنظمة تلك الدول في استغلال من يهاجر منها لتنفيذ أعمال إرهابية مثلما حصل في فرنسا وبلجيكا، كما أن أنظمة معروفة ومشخصة توظف المهاجرين وطالبي اللجوء لتنفيذ أعمال انتقامية إرهابية ضد الدول التي فتحت أراضيها لطالبي اللجوء والفارين من جحيم تلك الأنظمة التي لم تكتفِ باضطهاد مواطنيها والتضييق عليهم، بل شوّهت سمعتهم وحملت قادة الدول على التضييق عليهم ومنعهم من دخول أراضيها لحماية أمنها والتوافق مع ما يريده مواطنوها الذين اختاروهم ليحكموهم.