نوف بنت عبدالله الحسين
(لا ترتبط بغيمة ما فيها مطر
لا ترتبط وتضيّع سنينك هدر)
عبدالأمير عيسى
تداخل عجيب وتسابق أعجب في نمو التطبيقات من كل حدب وصوب.. أصبح لكل منا عالمه الخاص.. لم تعد هناك روائح كعك تربطنا إلا إذا كان ثالثنا تطبيقاً يصوّر الحدث.. ولم يعد هناك تفاعل إنساني دون التقنية المصاحبة في حلنا وترحالنا.. أحداثنا السعيدة والحزينة نوثقها في حساباتنا المترامية.. والتقاؤنا بأحبائنا عبر فضاء متنامي في الاتساع أفقد حرارة العناق ودفء القبل وإيماءات فرحة اللقاء.. قرّبنا بالبعيد قرباً بارداً.. وزادنا مساحة وبعداً مع القريبين.. أجهزتنا تكدست بالصور والقصص المنوّعة.. وبحياة مختلفة فرضت علينا نمطاً جديداً في المعاملات والتعاملات.. أصبحنا نأكل من التطبيقات.. ونلبس منها.. وبتنا متعلّقين بتلك النقالة التي تغذي شبقنا في تحقيق رغباتنا وكأنها مصباح علاء الدين.. وتحولت جلساتنا إلى انعزالية اختيارية بسماعاتنا ومقاطع نقالاتنا.. وتطبيقاتنا.. وبمجرد تعثر في الشبكة العنكبوتية.. ذات الهيمنة الاخطبوطية.. تبدأ معاناة جديدة لم نهيّئ أنفسنا لها.. وتقع الحيرة.. نصاب بصداع الملل والفراغ.. فلم نعد نعرف كيف نقدم حواراً دونه.. وأصبنا بتبلد مع إدارة الوقت.. ونسينا أن نمارس هواياتنا.. وأن ننجز مهامنا دونه.. وأن نضحك دون النكت الافتراضية.. نسينا كيف نتهادى أجمل العبارات.. بأجمل التعبيرات.. مما جعلنا جافين.. قاسين.. مكتظين بالتقنية.. خاوين دونها.. يا ترى.. هل اكتظت حياتنا بها دون شعور؟ وتسللت فينا رغماً عنا؟.