ميسون أبو بكر
أمريكا العظيمة التي عرفناها كأكبر قوة في العالم، ومرجع التحرك الدولي، والثقل الذي يشعر به الصغير والكبير، فإنها ولسنوات في عهد الرئيس السابق أوباما تراجعت هذه الصورة في أذهان الكثيرين، لأن أمريكا وقفت موقف المتفرج أمام الساحة التي تغلي في المنطقة العربية، وكأن السياسة الأوبامية ركلت كل تلك الصورة الذهنية بل أعادت القطب الآخر الذي كان غائباً عن الواجهة منذ زمن وهو القطب الروسي الذي بدأنا نشاهد له صولات وجولات، بل عاث عسكرياً بسوريا غير آبه بالشعب الذي كان أهدافاً للصواريخ والطائرات الروسية التي تنصر النظام ضده.
تفاجأ العالم بالاتفاق النووي الإيراني الأمريكي، ورفع بعض العقوبات عن الدولة الإرهابية الأولى في المنطقة، التي تمد أذرعتها وتنشر أحزابها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ثم لا تتورع أن تتدخل في الشأن الداخلي للدول، وترعى الإرهاب بأشكال مختلفة أهمه الإرهاب الإعلامي الذي تصرف عليه المليارات لبث سمومها وأفكارها بينما الشعب الإيراني يتضور جوعاً ولا يستفيد من خيرات أرضه.
دونالد ترامب جاء في هذه الفوضى التي يشهدها العالم، وفِي الوقت الذي أذهل أوباما العالم بصمته وخذلانه لحلفائه القدماء، وتغاضى عن حلول كثيرة كانت لتوقف الموت في سوريا والتدخلات الروسية والإيرانية.
من حق الرئيس الجديد أن يحمل أجندة سياسة جديدة لبلده وأن يعلن منطقة آمنة للاجئين السوريين بعد أن كان الرئيس السابق أوباما يرفض إقامتها للسوريين المشردين، وأن يتخذ مساحة من الوقت ليعيد ترتيب البيت الأمريكي الداخلي.
ترامب الذي منع إيران وست دول أخرى من دخول أمريكا أعلن أنها فترة مؤقتة لثلاثة شهور، فقد أثار هذا القرار إيران التي تغاضت عن منع رعاياها من الدخول وركزت على عدم ضم السعودية للائحة السبع دول!!
الإعلام الإيراني كما أشار له الخبير في الدراسات الإيرانية الأستاذ عايد الشمري؛ يصدّر المشاكل والفوضى للخارج لإبعاد الناس عن النظر لمشاكلها الداخلية، والإعلام الإيراني الآن يتساءل عن عدم إدراج المواطنين السعوديين ضمن لائحة الممنوعين من دخول أمريكا!!
إن دل هذا إنما يدل على ضعف الدبلوماسية الإيرانية أمام الإدارة الأمريكية الجديدة.
ولعل ما أرَّق إيران أكثر المكالمة الهاتفية بين ترامب وملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبدالعزيز التي تناولت العلاقات بين البلدين حيث أستعين بجملة الأستاذ خالد المالك بأن الاتصال الهاتفي «شكل ضربة قوية لدى من كانوا يمنّون أنفسهم بغير ما أسفرت عنه مباحثات الزعيمين الكبيرين».
وربما ليكون ذلك الاتصال بالمملكة والإمارات بداية سياسة جديدة لواشنطن في المنطقة، وأن عهد الرئيس ترامب الجديد لن يدع العبث الإيراني يمر مرور الكرام حسب ما دلل عليه الموقف الأمريكي الأخير في دعوة واشنطن للاجتماع الطارئ لمجلس الأمن رداً على الانتهاك الإيراني بإطلاق الصاروخ الباليستي في إطلاق فاشل انتهى بانفجاره السريع.
ربما آن لإيران التي تمردت كثيراً والتي طغت وعاثت فساداً في المنطقة أن تراجع حساباتها وأن تتورع قبل أي قرار أو فوضى تطلقها ضد جاراتها لصالح مخططها الفارسي.
أهلا ترامب وحياك.. إن كانت هذه هي السياسة الأمريكية الحازمة، فنحن ننتظر زمن الأفعال في وقت كثرت فيه الشعارات المزيفة ومدعي حقوق الإنسان الذين غابوا في زمن الموت والقهر واللجوء وتفرّجوا على الحقيقة وكأنها أفلام سينمائية ابتلع البحر فيها جثث الهاربين من الموت في سوريا ثم فجور الحوثيين والمخلوع صالح في اليمن والفوضى في العراق ودولة داخل دولة في لبنان، ثم الرافعات التي حملت مشانق للشعب الإيراني المقهور.