زكية إبراهيم الحجي
هل فكرت يوماً ما أن تتجرد من كل شيء يتعلق بجوانبك الحياتية لتلامس نفسك بنفسك.. وتعيش حالة من السكون الداخلي تغوص فيها داخل أعماقك وتبحث في ذاتك عن الأنا العقلانية المجردة من عواطف شخصية مزيفة، وتبحث عن قيمتك عقلياً وفكرياً وقبولاً عند الآخر بغض النظر عن الإيجابيات والسلبيات.. سؤال قد يبدو بسيطاً ظاهرياً لكنه أشد صعوبة وتعقيداً عندما تواجه ذاتك في رحلة بحث جدي داخل أعماق ذاتك لتتساءل ترى من أنا؟ سياق المقدمة جعلني أعود بذاكرتي إلى برنامج الثامنة مع داوود وحلقة «نوف نجحت»، فبغض النظر عن كل ما يتعلق بالجانب التعليمي وتقييم المعلمة للطالبة وسواء أتقنت واجتازت المهارات المطلوبة أم لم تتقنها.. أجد أن الطالبة أوشكت أن تفقد الحس العام بتقدير الذات وربما أيضاً الشعور النفسي فيما يتعلق بالإنجاز، لولا تلك الحفلة التي أقامها البرنامج وبمشاركة مجموعة من الأطفال تكريماً واحتفاء بها ورداً اعتبارياً جسد شعور التقدير بقيمتها الذاتية أمام أقرانها، بعيداً عن المقارنة والتنافس.
«نوف نجحت» قصة تجسد واقعاً لا يمكن إنكاره.. يمارسه البعض سواء داخل محيط الأسرة أو في البيئة المدرسية.. وللأسف أن الكثير من الآباء والمعلمين يجهلون أو يتغافلون عن مضمون القصة ألا وهو موضوع تقدير الذات الفردية عند الأبناء والطلاب، وكيف يبنون القاعدة العامة لمفهوم تقدير الذات الفردية لتكون بمثابة جواز مرور لحياة الأبناء المستقبلية.
إن تقدير الذات عند الفرد هو بمثابة اتجاه من الإِنسان نحو ذاته فنموها نتاج من تفاعل الفرد مع البيئة المحيطة به بوجه عام.. والأسرة هي المنبع الأول في إيصال الأبناء إلى تقدير ذات سلبية أو إيجابية، ومن الملاحظ أن بعض الأسر في مجتمعنا تستخدم أسلوباً تربوياً غير داعم لتطوير ذات إيجابية لدى أبنائها خاصة الذين يخفقون في دراستهم أو في أداء عمل يوكل إليهم.. كاستخدام بعض المصطلحات غير اللائقة والمحبطة من تقدم وتطور الابن، مما يؤدي إلى الحد من دافعيته لخوض تجارب جديدة لشعوره أن التقدير لذاته الفردية مرهون بالنجاح فقط، كذلك أكدت الدراسات والتجارب أن هناك علاقة قوية بين تقدير الذات والتحصيل الدراسي.. فالمعلم يلعب دوراً مهماً داخل الصف في بناء تقدير الذات الفردية عند الطالب، فإذا كان المعلم ملماً بجوانب تربوية خارج إطار الدرس فإنَّ ذلك سيساعد كثيراً قي تحقيق ما يصبو إليه.
إن العلاقة الإيجابية بين المعلم والطالب أياً كان مستواه في المواد الدراسية لها أهمية كبيرة في تطوير وتحسين تقدير الذات عند الطالب، وكلما تطورت هذه العلاقة شعر الطالب بالانتماء لبيئته المدرسية وازداد فخراً واعتزازاً بنفسه، وبالتالي سعى إلى الاجتهاد أكثر لتحقيق النجاحات.