أ.د.عثمان بن صالح العامر
الإرهاب ليس جديداً في ساحتنا الإسلامية، فهو متجذر حتى النخاع في ذهنية الخوارج، الذين ظهروا على الساحة السياسية منذ سقط الباب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وأرضاه - ولهم وجودهم الفكري، وتحركهم في الأوساط الشعبية الخَطِر عبر تاريخنا الإسلامي الطويل وحتى اليوم، وسيظل ينهش هذا الفكر الضال في جسد الأمة المصطفاة إلى قيام الساعة، والقارئ في صفحات المؤرِّخين الثقات، والمتابع لسير الأحداث يلحظ أنّ هناك تبدلاً في مفردات هذا الخطاب المتطرف، وإنْ كانت الغاية واحدة والهدف محل اتفاق عند منظِّريه والمخططين له في الكرة الأرضية، ولعل حادثة «حرازات جدة « الأخيرة خير دليل على ما ورد أعلاه من تبدل في الأساليب، ومحاولة لتوظيف ما يمكن توظيفه من عناصر جديدة تخدم التحركات الإرهابية في المنطقة، وهذا وذاك يكشفان لنا عن أمور مسكوت عنها نسبياً، وربما هي ملفات ساخنة من الضروري - في نظري - أخذها في الحسبان في المرحلة القادمة، أهمها:
* ضرورة تضمين الدعاة في مكاتب توعية الجاليات التابعة لوزارة الشئون الإسلامية خطابَهم الدعوي والإرشادي بيانَ خطورة المناهج الضّالة المُضِلّة، والتحذير من الإرهاب والغلوّ والتطرف بكل اللغات وعلى جميع الشرائح، خاصة الباكستانيين والأفغان الذين قد يكون البعض منهم متأثراً بالقاعدة أو معجباً بها بصورة أو بأخرى إبان وقوفها في وجه المدّ الروسيّ الأحمر أول أمرها كما هو معلوم، إذ إنّ الخطاب الديني في المملكة العربية السعودية باللغة العربية غالباً، وهو ما قد يفقده قوةَ التأثير في الجاليات الوافدة .
* ضرورة دراسة واقع الاستراحات التي انتشرت بشكل كبير في كثير من مناطق المملكة، وليس لها نظام واضح يحدد المسئوليات ويضع العقوبات، فهي ليست باسم شخص محدد مسئول أمام الجهات المختصة، بل لمجموعة من الشباب وربما يكونون من صغار السن الذين قد لا يدركون عواقب الأمور، وليس لهم دراية بالنتائج والمآلات لو - لا سمح الله - صاروا تحت طائلة المتابعة والرصد.
* تضمين مسئوليات الكفيل متابعة العمالة التي تحت يده، ومراقبة تحركاتهم بشكل ينمّ عن مسئولية وطنية مباشرة.
* تحديد دور العمد في الأحياء، وإلقاء تبعة معرفة الناس الذين يقطنون الأحياء التابعة لهم ويتحركون فيها بشكل دائم ، أكثر من ذلك تأكيد دورهم في جمع الناس حولهم وتتبع أخبار حيهم، وإحياء روح الجيرة التي أكدها عليها ديننا الحنيف حماية ووقاية وتكاتفاً وتعاوناً على البر والتقوى.
الشيء المخيف أن يكون توظيف العنصر الباكستاني في الخلية الإرهابية الأخيرة بجدة، من أجل ضرب العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودولة باكستان التي تشهد تطوراً نوعياً ملحوظاً، وهذا ليس بمستبعد، ولكن جزماً لدى قيادة البلدين من الرؤية والحكمة ما يجعل مثل هذه الألاعيب الصبيانية لا تنطوي عليهم، ولا تحرك لديهم ردة الفعل المتسرعة، بل التعقل والتروّي.
حفظ الله بلادنا، ووقانا شر من به شر، وإلى لقاء والسلام.