د. محمد بن إبراهيم الملحم
نعيش أيام إجازة منتصف السنة الدراسية التي ينتظرها كل من الآباء والطلاب ليتنفسوا الصعداء من وصب الدراسة وروتينها اليومي ليغتنموا هذه الاستراحة للسفر والتمتع بالأجواء الشتوية (أو الربيعية حسب الوضع الطقسي الموافق لها) سواء في «ديرتهم» إذا توافرت فعاليات مناسبة في مدينتهم (وقد انتشرت مؤخرًا بكل المناطق تقريبًا ولله الحمد) أو بالسفر إلى مناطق المملكة الأخرى ذات الجذب السياحي المتوافق مع نوع الجو كالتخييم في البر أو على السواحل، أو السفر للعمرة أو الزيارة، أو السفر لدول الخليج المجاورة، أو السفر خارج المملكة.. وبكل الأحوال فإن الأجندة تتضمن غالبًا «السفر»، بيد أن مدة الإجازة تحد من اكتمال هذه المتعة لعدة أسباب: فمن يرغب السفر السياحي خارج المملكة سيكون استثماره في هذا الأسبوع غير ذي جدوى من الناحية الاقتصادية مما يثقل كاهل ميزانية الأسرة والفائدة محدودة فتقتصر مدة السفر على خمسة إلى ستة أيام فقط لا تمثل استثمارًا حقيقيًا مقارنة بالتكاليف العالية غالبًا للسفر السياحي من هذا النوع، أما من يسافرون إلى داخل المملكة أو دول الخليج فأعتقد أن من حقهم أيضًا أن يمضوا وقتًا أطول ليتسنى لهم التجول بين عدة فعاليات خاصة عند النظر إلى حجم العائلة السعودية الكبير غالبًا وصعوبة الحركة فيتعذر عليهم إدراك عدة فعاليات أو زيارة عدة مواقع جذب في يوم واحد كما يفعله غيرهم من العائلات الصغيرة أو العزاب مثلاً. وعمومًا ودونما حاجة إلى مزيد من السرد فإن مدة الإجازة بين فصلين دراسيين «طويلين» لمدة أسبوع واحد فقط غير كافية.
الإجازة أيها الساة الفضلاء ليست استراحة قصيرة ما أن يلتقط صاحبها أنفاسه حتى دق جرس الحصة الأولى للفصل الدراسي الثاني، بل ينبغي أن تكون استراحة تجدد النشاط وتجلب الشوق للمدرسة مرة أخرى، خاصة أن وراء الطالب (والمعلم أيضًا) رحلة جديدة طويلة (مع الأسف) لا تقل عن سابقتها فهي رحلة أربعة شهور أخرى وأحيانًا تكون خمسة شهور! (ولي تعليق مفصل مستقبلاً حول ذلك)، دعونا نشتاق لكم، دعونا نلتقط أنفاسنا مرة ومرتين وثلاثًا، دعونا نعود إلى المدرسة وقد تشوقنا للقاء أصحابنا ومعلمينا ومشاهدة فصلنا، هذا ما يقوله لكم الطلاب. كما أن الإجازة استثمار سياحي داخلي فلنشجع مستثمري السياحة بمد فرصتهم زمنيًا، مما يساعدهم على تنظيم برامج ذات جودة بتكلفة معقولة نظرًا لطول المدة، كما يساعد أيضًا على استقرار أسعار الخدمات كالإيواء والأسواق في مستويات معقولة نظرًا لطول المدة، أما اللهاث خلف هذا الأسبوع الذي سينقضي سراعًا فمن شأنه أن يخلق كثيرًا من السلبيات المتنوعة في هذا المجال الحيوي الذي نطمح إلى تطويره وطنيًا.
يرى المسؤولون أن انتقاد إجازتنا ذات الأسبوع الواحد يقابله توفر تعويض بإجازة منتصف الفصل الدراسي أسبوعًا آخر، فالإجازة بذلك تكون أسبوعين في الواقع، ونقول لهم: خذوا إجازتكم لمنتصف الفصل وأعطونا إجازة معتبرة بين الفصلين لنستثمرها بشكل أفضل وليتوقف الضرر التعليمي الناشئ من إجازة منتصف الفصل فالطلاب يتغيبون قبلها وربما بعدها أيضًا والمعلمون يقل أداؤهم أيضًا قبلها وبعدها كذلك، ثم إنها أسبوع واحد أيضًا فلا تسمن ولا تغني من جوع حسبما تقدم عرضه في فلسفة السفر، ولذلك كان الأولى دمجها لصالح إجازة ما بين الفصلين فيستثمر وقتها وما يضيع قبله وبعده من أيام لمزيد من الإنتاجية.
ولنستوعب هذا الأمر إدراكًا فلنتعرف على الوضع لدى غيرنا، سأتحدث عن ذلك الأسبوع القادم بإذن الله.