د.علي القرني
توفيت برونهيده بومزيل يوم الجمعة الماضي؛ وهي سكرتيرة وزير الدعاية الألماني جوزيف جوبلز الذي يعد من أقرب المقربين للمستشار الألماني أدولف هتلر.. وتوفيت هذه السكرتيرة عن عمر يناهز مائة وستة أعوام، حيث شاركت في فيلم وثائقي عن حياتها، شرحت فيه أنها لم تكن تدرك كل التفاصيل التي كانت حولها.
واشترك أربعة مخرجين في إنتاج هذا الفيلم الوثائقي الذي امتد لعدة سنوات، وتم الاتفاق معها على أن يتم نشره بعد وفاتها.. ويقول المخرجون إنهم قرروا أن يكون الفيلم بالأبيض والأسود ليعطي بعدا زمانيا ممتدا، كما أن الفيلم قد خلا من أي تعليق.. وتم توظيف بعض الأفلام الوثائقية التي بثتها آلة الدعاية النازية في الحرب العالمية الثانية، كما استخدمت بعض لقطات من أفلام وثائقية بثتها قوات الحلفاء..
وذكر أحد المخرجين أنه اهتدى إلى السيدة بومزيل بالصدفة، ولم يكن يعتقد أن هناك شخصاً ما زال حياً عايش تلك الأحداث الكبيرة في ألمانيا وفي العالم، ولم يكن من السهولة أن يتم إقناع سكرتيرة وزير الدعاية الألماني جوبلز أن تتحدث، ولكن محاولات عدة معها أقنعتها بأن تشارك في هذا الفيلم الوثائقي الذي حمل عنوان «حياة ألمانية» A German Life
وكانت تتحدث فيه بقوة ذاكرة وبارتياح وهي في عمر يزيد على المائة عام عن الثلاث سنوات الأخيرة التي قضتها مع جوبلز، ووصفت مشهد حضوره الأنيق اليومي لمكتبه، وكانت تعمل معه على بعد عشرة مترات.. كما أبدت حزنها الشديد لموت أبناء جوبلز، حيث اتفق جوبلز مع زوجته على الانتحار، فطلب من زوجته أن تذهب لأحد الكيميائيين الصيادلة وتطلب منه سمًّا يميت بين أربع إلى أحد عشر ساعة حتى لا يتألم أطفالهم، ولكن بعد أن أسقت الزوجة أطفالها السم ماتوا جميعاً (وهم ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين أربعة أعوام وأحد عشر عاماً) بعد ربع ساعة.. وكان جوبلز لا يريد أن يهين الروس أبناءه بعد احتلالهم برلين وأسر أبنائه.. وبعد ذلك أقدم جوبلز وزوجته (ماغدا) على الانتحار.. هذه المشاهد أثرت كثيراً على سكرتيرته بومزيل..
كما أشار هذا الفيلم الوثائقي إلى تأثر السيدة بموزيل بقتل اثنين من الشباب الألماني نتيجة أن الجهاز الأمني الهتلري وجدهم يوزعون منشورات مضادة للنازية، وقالت إنهم لو لم يوزعوا تلك المنشورات لبقوا أحياء ربما إلى اليوم، وشعرت بحزن عليهم وهم يموتون..
وتنتقد بعض وسائل الإعلام السيدة بومزيل على أنها أبدت تأثرها بموت أطفال جوبلز ولكن لم تتأثر بموت ملايين اليهود في معسكرات الاعتقال التي وضعها هتلر للتخلص من اليهود، وقالت في فيلمها الوثائقي: إنني كنت لا أدرك الكثير من التفاصيل التي كانت حولي، وكنت أعيش كأني في معتقل كبير لا ندرك أبعاده في ذلك الحين..
وأشار أحد المخرجين إلى أن الوضع الحالي في ألمانيا وفي أوروبا أشبه بالفترة التي عاشتها ألمانيا وأوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية، حيث ظروف البطالة والهجرة واللاجئين كانت قضايا عاشتها ألمانيا. ويقول هذا المخرج إن أوروبا وألمانيا -حالياً- وفي هذه الفترة تعيش نفس الظروف، وهناك تصاعد خطير لليمين المتطرف، وربما يقفز إلى السلطة في أكثر من بلد أوروبي ومنها ألمانيا.