فقدنا عالماً وشيخاً جليلاً وعَلماً من أعلامها المخلصين.. إنه معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق آل الشيخ وكيل وزارة الشئون الإسلامية المشرف العام -رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته-.. لقد نذر نفسه ووقته لخدمة دينه ووطنه وولاة أمره ومجتمعه ونصرة الحق.. وكان عمره حافلاً بالأعمال الخيِّرة والمزايا الطيبة والسجايا الكريمة.. ولين الجانب وسمت العالِم الرفيع، وحسن الخلق وحب الخير والرفق بالناس ومعرفة أحوالهم وسعة الحلم ورجاحة العقل.. صاحب فطنة وكياسة، شجاع في الحق لا يخاف في الله لومة لائم، وصاحب أدب رفيع وصبور شديد التحمُّل، سلس الحديث، ثاقب الرأي حصيف، ويعطي كل من يقابله حقه من المعاملة الحسنة وينزل الناس منازلهم ويعرف لهم قدرهم ويقضي حوائجهم وكانت الابتسامة لا تفارق محياه دائماً، مكتبه مفتوح وأذنه صاغية، ورع تقي فكان قريباً من الناس، له حضور أخاذ لدى المستمع والمشاهد.
تنقل الشيخ -رحمه الله تعالى- في عدد من الوظائف؛ عيّن مجاهداً بإدارة المجاهدين وعضو في هيئات الشرقية ورئيساً لدور الأيتام المعروفة بدار التربية والرعاية الاجتماعية ثم عيّن رئيساً للأوقاف بنجد والمنطقة الشرقية ثم عيّن مديراً عاماً للأوقاف بالمنطقة الوسطى والشرقية ثم عيّن وكيلاً مساعداً لوزارة الحج والأوقاف لشئون المساجد ثم وكيلاً للوزارة بالمرتبة الخامسة عشرة ثم تعاقدت معه -رحمه الله- وزارة الشئون الإسلامية على وظيفة وكيل الوزارة المشرف العام، كما أن رغبته في العلم والدعوة أخذت جل اهتمامه ووقته.. لا يهدأ، ذخيرته إيمانه بالله وحبه لإتقان العمل.. وصدقه في البحث عن كل طرائق العمل الإسلامي.. التي تصله بالناس أينما كانوا، ومعاملة الصغير والكبير بالرفق واللطف واللين والحنكة والمساواة، وسرعة الإنجاز في الأعمال، وكان يأتي إلى عمله مبكراً ولا يخرج حتى ينهي ما لديه من أعمال ويبذل جهده ووقته لخدمة العلم وطالبه ويدعم الجمعيات الخيرية، ويعطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين وييسر لهم أمورهم ويسد لهم حاجاتهم بقدر ما يستطيع.. ويجل العلماء وطلاب العلم ويدنيهم منه ويحترم آراءهم، ويُجادل بالتي هي أحسن ويدفع السيئة بالحسنة.
فمعاليه -رحمه الله- ترك أثراً واضحاً وملموساً، ولا نزال نرى بصمات إنجازاته.. وله إسهامات متعددة.. ولد معاليه سنة 1330هـ 1911م وقد رحل عن هذه الدنيا الفانية صباح يوم الجمعة الموافق 15-4- 1438هـ الموافق 13-1- 2017م وصلي عليه عصر يوم الجمعة ودفن بمقبرة الدرعية وكان عمره مئة وثماني سنوات أفناها في العلم ونشره بين الناس والعمل الصالح الدؤوب.. فستبقى مآثره وخصاله الحميدة وأعماله الجليلة وذكره الحسن الطيب، وما خلفه من أخلاق فاضلة وسيرة عطرة تشهد على علو مكانته وقدره ومحبة الناس له.
فخالص عزائي وصادق مواساتي وأخص بالعزاء والمواساة سماحة معالي مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ مفتي عام المملكة وأبناء الفقيد: الأستاذ أحمد والدكتور حسن والأستاذ هشام والدكتور عبدالعزيز والدكتور فيصل والأستاذ فيصل وشقيقاتهم منيرة نوف مشاعل جواهر العنود الفهدة وأرحامهم وأقاربهم وأصدقائه ومحبيه وجيرانه وزملائه وجميع أسرة آل الشيخ سائلاً المولى -عز وجل- أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، (ولله ما أخذ ولله ما أعطى ولا حول ولا قوة إلا بالله).
- د. فهد بن عبدالرحمن السويدان