هناك ثقافة سائدة في المجتمع السعودي، غرسها جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - يرحمه الله -، وترسخت مع مرور الزمان وتعاقب الملوك على حكم هذه البلاد. وتتمثل هذه الثقافة بعمق العلاقة بين الحاكم وشعبه المقرونة بحب غير مصطنع، يقابله إخلاص ووفاء.. ومن يسعفه الحظ؛ فيحضر اللقاءات التي تتم بشكل منتظم بين القيادة وأبناء الشعب، سواء كان اللقاء بحضرة الملك أو أحد نائبيه، أو واحد من أمراء المناطق أو من دونهم من المسؤولين، سيلمس بشكل جلي تلك التلقائية والبساطة والشفافية.. وكل ذلك مغلف بالحب والاحترام المتبادل.
بعد ظهر الخميس كنت ضمن مستقبلي صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز لدى وصوله إلى محافظة الزلفي في زيارة تندرج ضمن جولاته التفقدية لمحافظات منطقة الرياض. والحقيقة، إنني كنت أسمع كثيرًا عن جدية سموه، وحرصه الدائم على متابعة التفاصيل لكل ما له علاقة بشأن المواطنين وخدمتهم، فضلاً عن حنكته الإدارية، وحكمته في التعامل مع قضايا العمل اليومية. كيف لا وهو يتربع على إمارة هي الأكبر مساحة وسكانًا في بلادنا.. ولكنني وأقولها بكل صراحة، ودون أدنى مجاملة: لقد أعجبت وكل من حضر ببساطة فيصل، ودماثة خلقه، وحكمته، وتلطفه مع الصغير والكبير، فضلاً عن حرصه على تلمس احتياجات المواطنين وإلمامه التام بشؤون المنطقة.. كل ذلك وأكثر جعلني أحمد الله سبحانه أن هيأ لهذه البلاد رجالاً أوفياء، يستلهمون توجيهات قائدهم سلمان الحزم، ثم يتسابقون لخدمة الوطن وأبنائه. ودعوني أنقل لكم مقتطفات يسيرة من كلمات سموه التي خاطب بها أهالي الزلفي في الحفل الخطابي الذي أقاموه لسموه. فمما قاله الأمير فيصل بن بندر: «أعتز بوجودي بينكم في هذه المحافظة المزدهرة». ثم يردف سموه قائلاً: «إنني فخور بما وصلت إليه الزلفي». وتأكيدًا لما يحظى به المواطن في بلادنا من تقدير ومكانة يقول أمير منطقة الرياض: «إن الإنسان في بلادنا هو أساس البناء». ثم يؤكد بتواضع جم أنه وكل العاملين في مختلف القطاعات الحكومية يتشرفون بخدمة المواطن، تلك الخدمة التي هي الهدف من وجودهم. وتغمرني السعادة كما هو الحال لكل الموجودين حينما يقول سموه: «إن بلادنا ليست ككل البلدان، ولا فضل لأحد على أحد في هذه البلاد، وإنما الفضل لله وحده». بصراحة، كانت كلمات سموه تخرج من قلبه المفعم بالحب، وتستقر في قلوب الحاضرين من أبناء محافظة الزلفي الذين يبادلون سموه الكريم الحب والولاء.
كثيرة هي الانطباعات التي خرجت بها بعد انتهاء الزيارة الميمونة لأمير الرياض، ولكن أكثر ما استوقفني هو السؤال المتكرر من أهالي الزلفي عن مصير محطة القطار التي يتلهفون لسماع خبر سار من أوساط شركة سار عنها، وأجزم أن هذا الأمر يحتل مرتبة عليا من اهتمام سمو أمير المنطقة، إن لم يكن قد حسم أمرها.