كثيرة هي الوثائق القديمة والحجج التي قمنا بجمعها وتحقيقها خلال العقدين الماضيين وبين أيدينا منها رسائل متبادلة بين أهالي العرضيات القداما، وحجج لمزارع وسواقي، وهناك أيضاً اتفاقيات لبعض أهالي العرضيات تمثل الحياة الاقتصادية والاجتماعية لديهم، وما نحن بصدد الحديث عنه في هذا المقال وثيقتين عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في هذه الأنحاء من تهامة عبارة عن صُلح بين أعيان قبيلتي أَمَجَانِيَهْ من بني رزق من بلقرن وأهل العسيلة والزراب من شمران القبيلة العريقة المعروفة حول أماكن في بلادهم.
وَمِمَّا يلفت الانتباه اللغة القديمة التي كُتبت بها فجزءاً منها مكتوباً بالعربية الفصحى والجزء الآخر بالعامية هي لهجة أهل البلد حينها، وهي اللغة الدارجة لديهم في ذلك الوقت، ولم تعد تستعمل تلك الألفاظ، لكنها جميلة تدل على الحياة الثقافية لديهم والطريقة في كتابة العقود والمواثيق، وما أود أن أوضحه حول هاتين الوثيقتين أنها اشتملت على اتفاقية تنص على حماية الأحمية والأشجار من القطع والتعدي، والواردة أسمائهم يعدون كفلاء في هذا الأمر من كلا الطرفين على ما جرى في هذا الصُّلْحْ، وتصدي لمن ينقضه،ويؤكدون فيها على التكاتف والتعاون وعلى محاربة الخطأ والتجاوز بعضهم على بعض، أما الوثيقة الاولى فتاريخها هو السابع من شهر رجب سنة 1329هـ والأخرى تتلخص في نفس موضوع الأولى ونفس المكان ولكنها كُتبت بعد مضي أكثر من عقدين من كتابة الوثيقة الأولى وتاريخ الثانية هو 5 ذي الحجة سنة 1353هـ وقد تقابل أهل الشأن مرة أخرى للتحقيق والتوثيق لما اتُّفق عليه من قبل، وكتبها بخط يده محمد بن أحمد بن جريد، وموضوعها بيع مزرعة في بلاد العُرْضِِيّات من تهامة منذُ أكثر من مائة عام وتلك الأرض كان يزرع بها القمح من (بياض ودخن وغيره) وقد بيعت للمدعو/ علي بن عبدالله بن حامد من أَمَجَانِيَهْ المذكورين في الصلح، ونص الوثيقتين على النحو التالي:
بسم لله الرحمن الرحيم، يعلم كل من اطلع عليه من المسلمين أنه حضر عندنا علي بن عبدالله ابن مجنّي ثم حضر بهذا المحضر جمع كثير وجم غفير من السلمان وهو محمد ابن أحمد بن عدله وعلي ابن أحمد بو شرين وعلي بن عمار وبلقاسم بن عبدالله وصهبان بن مجدوع ومحمد بن أحمد من آل عصر وعلي بن مديشن ثم أنهم اقَرّوا المذكورين من آل سلمان بأنا بعنا الروض من علي بن عبدالله المذكور في أول المسطور ثم إنا بعنا منه جميع البلاد أمهات الحرث مظهر أللومه ولا تبقينا بقيه إلا الهيجه الذي هي مفلا الحلال والسدور والسيال وجميع الشجر ثم إن لـ علي سواقي من الوادي ماله عايق عادة براعه من المسره ثم إذا تعسر عليه مكان انتقل إلى مسره تطيب لها من ما يوالي الروض من امشام ويمنا شهد على ذلك الله ثم من خلقه علي غبثه بن وضاح ومحمد بن حسان وعبدالخالق ابن حسن ومحمد بن أحمد بن جريد كاتب وشاهد والله خير الشاهدين حرر في رجب 7 سنت 1329 منقول بقلم حوفان بن محمد بن جريد غفر الله له ولوالديه وهو منقول كلمه بكلمه وحرفن بحرف والله على ما نقول وكيل. انتهى.. أما الوثيقة الثانية فنصها كما يلي: بسم الله الرحمن الرحيم،يعلم من يراه ويقرا من المسلمين انه وقع بين ال سلمان وامجانيه مجلس وتقاروا على ما ملكوا امجانيه من الروض وملوكه من العرقه أولاً عبدالله بن محمد (بن مجنّي) ساقية امفارعه مشابهم بشيت علاها إلى عقم بن حزام وساقية امبديعه تأخذ عادت ساقية امفارعه وتمضي من عند ذنب امّقدح ما تعاق ترد لمبديعه وبعدها تقاروا إن عوايد الروض من أسفل عقم الغامدي وان عقم الغامدي نهايته ودن امضبره ومن أسفله ودنين لأولاد مورع ويحده رحاب سويد وجميع ما ملكوا امجانيه لهم مصلحة الماء والبلاد وأما الناشيه شجر فهي مبقاه هي والماشيه لآل سلمان اذا رد عقم الغامدي فلا له إلا ما ملك سيل الوادي ما يعدي فيه الوادي يمنا ولا يعيّل الماء زود عن أمهاته بشهادة من حضر الصلح محمد بن احمد بن عدله وحضر بحضوره بتير ومديشن وسعد بن مورع ومن امجانيه عبدالله بن محمد(بن مجنّي) تاع الصلح بيده من بلغيث بن محمد والحضره منهم صبحي وصالح صليع ومحمد بن صالح وعلي بن حسين وحسين بن عبدالله وأهل البلاد ومعيض بن مسعد ساق ثلاثين ريال بيد محمد بن أحمد وانذر علاهم من الجله ويمنا وعبدالله بن مرجح وعلي بن حسين انذروا علاهو من الجله وشاما وقد احتاجوا هذا الكتاب فحضر محمد بن أحمد وعبدالله بن مرجحعلي بن حسين عند عبدالرحمن كتب لهم والله خير الشاهدين حرر يوم الأحد 5 من ذي الحجه سنة 1353 وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
- عبدالهادي بن مجنِّي
bnmgni@hotmail.com