عبده الأسمري
قضى عقودًا يرسم حدود التنمية، وأمضى عهودًا يحيك رداء النماء في منطقته، يعمل بصمت، ويسمع بسمت، يخطط باقتدار وينصت بوقار. كانت تواقيعه هي "الأبرز" ارتباطاً، ووقعه "الأعز" على "الإنسان والمكان" في منطقته التي تشهد عن إعجاب بسيرته، وتستشهد بفخر بمسيرته في كل شبر منها.
أنه أمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان، صاحب التجربة في العمل القيادي والتخطيط الريادي.
بوجه بشوش، ووسامة مطبوعة من والده الأمير سلطان - رحمه الله - وقامة مسجوعة بطيبة السمة، وهيبة السمو، وعينان واسعتان، وملامح خليطة بين الود والجد، ومن التواضع والحزم، وكاريزما أميرية تمتلئ فخامة واستقامة، يطل الأمير في سجلات المنظومة القيادية بين أمراء المناطق كرجل دولة من الطراز الأول وحكيم رأي وسديد منهج.
في قصر والده الأمير سلطان - رحمه الله - تعلم الأمير فهد الديبلوماسية والسياسة والأدب، وترعرع في كنفه وسط تربية دينية تحترم العلماء وتعتز بالمعرفة، نمت معه موجبات المسؤولية ومستوجبات القيادة باكراً، حيث كان قريبًا من والده مرافقًا له، ناهلًا من فكره، منتهلًا من قيادته، يتابع بعين المعجب، ويراقب بعقل المتعلم، ويتدرب بقلب التلميذ، ويسمع بروح الابن.. تعالت في ذاكرته نصائح والدته، وحرص أخواله، فسار في منظومة من التخطيط الأسري والعلمي المميز، جعلته يسير في مسار فريد من العمل والمناصب، ترك أثره فيه بلغة النتائج وواقع التأثير.
كان الأمير عاشقًا للتاريخ، مولعًا بالأدب، محبًا للمعرفة بكل تفاصيلها، مرتبطًا بحب العمل الاجتماعي. درس التاريخ في جامعة الملك سعود، ونال البكالوريوس عام 1970 ثم حصل على دبلوم من جامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
عاد إلى أرض الوطن وارتبط اسمه بمناصب عدة، تراوحت بين العمل الرياضي والاجتماعي والخيري، حيث ترأس سموه لجانًا عدة تابعة للأمم المتحدة في مجال العمل الاجتماعي، ثم عمل رئيسًا عامًا لرعاية الشباب بالنيابة، ونائبًا لرئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية، ونائبًا لرئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، ورئيس الاتحاد العربي والسعودي لألعاب القوى للهواة، ونائبًا لرئيس الجمعية العربية السعودية لبيوت الشباب، ورئيسًا للجنة منتخبات كرة القدم في الفترة 1974-1982م، وترأس وفد المملكة المشارك بدورة لوس أنجلوس الأولمبية بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1984م، ورأس سموه وفودًا عدة مثلت الوطن خارجيًا، حيث ترأس وفد المملكة في دورة الألعاب الآسيوية في تايلاند، وترأس وفد المملكة في دورة الألعاب الآسيوية في الهند، وشغل سموه رئيس مجلس إدارة جمعية الملك عبد العزيز الخيرية. وللأمير فهد مناصب شرفية تتمثل في رئاسة فخرية لعدد من الشركات والجمعيات.
يرتبط الأمير ارتباطًا عميقًا مع تبوك، فقد اقترن اسمه بمنطقة "الورد" منذ أكثر من ثلاثة عقود، حولها إلى بوابة مثالية في الشمال الغربي، وطورها لتشكل عقدًا فريدًا من المحافظات تبتهل بزينتها وتستهل برونقها.
اعتاد موظفو إمارة المنطقة على بسمات أميرهم صباحًا وهو يبث فيهم روح الدافعية، وينمي بداخلهم طموح الإنتاج، وتعودوا منه على استيداع الأب، ووداع الأخ في نهاية كل يوم عمل. لا يعترف الأمير فهد ببوصلة العمل، فمنطقته بكل محافظاتها ومراكزها رهان أول وارتكان أخير لكل المهمات اليومية، بعيدًا عن البروتوكولات الرسمية والحرس والمواكب يعرف أهالي تبوك أميرهم بينهم مشاركًا في كل محفل، مشتركًا في كل احتفال.
في تبوك ملاحم من التنمية كانت وليدة بعد النظر والإستراتيجية والتنوع التنموي التي ملك الأمير فهد تركيبتها منذ أن قدم إلى تبوك أميرًا يحمل في يده اليمني قرار "التكليف"، وفي قلبه "تباشير المستقبل"، وفي عقلة "انفرادات الغد"، قدم ليشكل رمز النجاح، ومنبع الارتياح، وصانع العطاء في كل شبر، لينعم "أهالي تبوك " حضرًا وبادية برًا وبحرًا بكل تفاصيل السخاء الإنساني والنماء الاجتماعي والانتماء القيادي.
أعوام طويلة كان وسيظل الأمير فهد بن سلطان "أنموذج" الأمير صاحب السيرة الطويلة، والخبرة العريضة في مجال الإمارة والقيادة، راسمًا حدودًا ثابتة من الإنجازات في تبوك التي ما إن ذكرت حتى كان الأمير حاضرًا ناضرًا في كل تفاصيلها، اسمًا وعنوانًا وتفصيلاً، أميرًا ومواطنًا ومسؤولاً، كان سر الاعتزاز، وجهر الامتياز في منطقته، ورمزًا وطنيًا سجل بصماته "الذهبية " بمداد الوطنية، والمسؤولية في تاريخ الوطن.