محمد بن فهد العمران
قبل أيام قليلة نشرت مورغان ستانلي تقريرًا عن السوق المالية السعودية، تثني فيه على الإجراءات التطويرية والإصلاحات الهيكلية التي شهدتها السوق مؤخرًا، وفاتحة الباب أمام احتمالات عالية لإدراج السوق في لائحة المراقبة للأسواق الناشئة خلال شهر يونيو القادم تمهيدًا لرفع التصنيف من سوق مبتدئة إلى سوق ناشئة كخطوة لاحقة بدءًا من نوفمبر 2017م، أو مايو 2018م، بشرط أن تواصل السوق في تحسين وتطوير آليات عملها تماشيًا مع المعايير الدولية للأسواق المالية المتقدمة أو الناشئة. وهذا - بلا شك - تطوُّر مهم، يدل على اقتراب السوق المالية السعودية فعلاً من رفع التصنيف.
المهم أن التقرير تطرَّق إلى موضوع آخر أكثر أهمية من موضوع رفع التصنيف، هو أنه في ظل المتغيرات الحالية، وفي حال رفع التصنيف إلى سوق ناشئة، فإن الوزن النسبي التقديري للسوق المالية السعودية بالمقارنة مع بقية الأسواق الناشئة حول العالم لن يتعدى نسبة 2,6 % فقط، وبقيمة تقديرية لن تتعدى 5,6 مليار دولار أمريكي فقط (ما يعادل 21 مليار ريال سعودي)، في حين كانت التوقعات السابقة أن يكون الوزن النسبي التقديري للسوق السعودية عند نسب تتراوح بين 4 % و5 % في أسوأ الأحوال، وبقيمة تقديرية 10 إلى 15 مليار دولار (ما يعادل نحو 40 إلى 50 مليار ريال سعودي) في أسوأ الأحوال أيضًا.
من جانب آخر، ذكر التقرير أمرًا غريبًا، هو أنه حتى لو تم إدراج أسهم شركة أرامكو في السوق المالية السعودية فإن الوزن النسبي التقديري للسوق بالمقارنة مع بقية الأسواق الناشئة الدولية لن يتعدى (بحسب تقديراتهم) نسبة 5 % فقط، وبقيمة تقديرية لن تتعدى 10 مليارات دولار فقط (ما يعادل 37 مليار ريال)، بما في ذلك تقييم شركة أرامكو، وكأنهم يريدون أن يقولوا إن القيمة السوقية العادلة لشركة أرامكو (أيضًا بحسب تقديراتهم) لن تتعدى 1,6 مليار ريال فقط بالمقارنة مع التوقعات السابقة التي قدرت القيمة العادلة لشركة أرامكو بعد إدراجها في الأسواق المالية عند 3,8 مليار ريال!!!
هذا يعني أن هذه الأرقام مجتمعة تشكّل في واقع الأمر صدمة كبيرة لكل المتداولين في السوق المالية السعودية على اعتبار أن 21 مليار ريال تمثل نسبة 1,3 % فقط من القيمة السوقية الإجمالية حاليًا، وهي بالتأكيد قيمة متواضعة جدًّا، لن يكون لها تأثير ملموس على أسعار الأسهم مستقبلاً في حال تم ضخ سيولة جديدة من صندوق مورغان ستانلي، تعكس قيمة السوق المالية السعودية ضمن قيمة أصول صندوقهم للأسواق الناشئة مقارنة مع ما كان متوقعًا في السابق، وبفارق كبير، يعادل الضعف!! وفي الوقت نفسه تشكل صدمة لنا في تقدير القيمة العادلة لشركة أرامكو بعد الإدراج وبفارق كبير أيضًا!!
وختامًا، اللافت للنظر أنه عندما أثنى تقرير مورغان ستانلي على الإجراءات التطويرية والإصلاحات الهيكلية للسوق المالية السعودية لم يتطرق أبدًا إلى ما قامت به شركة تداول مؤخرًا بإعادة هيكلة القطاعات؛ لتصبح متماشية مع المعايير المطبقة في الأسواق المتقدمة؛ إذ ركز التقرير في ثنائه على جوانب مختلفة أخرى، تتمثل تحديدًا في: إعادة النظر في معايير دخول المستثمرين الأجانب المؤهلين، وفصل مركز إيداع الأوراق المالية كجهة مستقلة، ودراسة تعديل تسويات عمليات شراء وبيع الأوراق المالية؛ لتصبح T+2؛ ما يؤكد لنا مجددًا أن إعادة هيكلة القطاعات ليس لها أي أهمية أو اعتبار في قرار رفع التصنيف.