د.ثريا العريض
تقول الإحصاءات إن هناك أكثر من 20 مليون غير مواطن يعملون في دول الخليج, بعضهم بصورة رسمية, وبعضهم متسللون, وبعضهم مستضافون لمشاريع أو ظروف انسانية خاصة. وأتابع ما تمتلئ به الساحة من مقالات وطروحات تناقش الوضع الاقتصادي والاستقدام والبطالة و الإحلال والتوطين, و هاشتاقات المتذمرين والمتذمرات من العطالة, و الرافضات لعمل المواطن إلا في مجالات بعينها.. وأتذكر أنني رأيت الكابوس قبل أن يحدث.. رؤية كابوس جحافل العمالة, حذرت مشاعري وسجلتها شعراً: قصيدة كتبتها في 1984:
الجحافل 1-2
ملأت القوارب
جئت بها من بلاد بعيدة
يعيث بها الفقر و الجور
والزمن المتحلل
والنعرات العنيدة
حشدا فحشدا أتيت بها
ملأت جرابي الأنيق
وقفت على كل سوق عتيق
وقايضت أحلامها
واشتريت عقولا ظهورا سواعد
عيونا بأحلامها تأتلق
وقفت بكل محطات هذا الوجود
لأجمعها
فتمخضت الأرض.. ألقت بها
ومن كل فج عميق
كل جرف سحيق
كل صحراء تمتد موتا و يأسا
كل بحر يفيض بأنوائه
جياعا و بؤسا
ملأت القوارب منها
و عدت أقود الجحافل
أدخلتها في صميم المنازل
ووزعتها في الطرق
تركت لها أن تقود القوافل
قلت: أرضي امتداد فضاء يباب
وصحار مديدة
وهي جائعة و جرابي مليء
قلت: تعمّرها قبابا قصورا عتيدة
تحقق أحلامها إذ تشيد حلمي
وتسكب خضرتها في رمال فضائي
فيمتد في الأرض
لحن أغانٍ سعيدة
ولكنها حين جاءت و قرّت بها الأرض
لم تستقر
أثارت جحافلها غبار الطرق
وإذ زرعت حلمها
سقت سمها نبتتي الواهية
رمت كل آثامها في دمائي
وعاثت بزرعي القديم
وأودت به كومة تحترق
وها هي في عقر داري
تموج نهارا
وفي الليل أسمع في صمتها همهمة
أكاد أراها
وأسمع أصداءها
تتلو تعاويذها المبهمة
وأبصر في العتمات ملامحها تستعر
وحين أحدق في جمر أعينها
أحس قراراتها المظلمة
وللقصيدة والتأمل في واقعنا تتمة في حوارنا القادم.