الهوية بالنسبة للإنسان هي عنوانه وأساس وجوده، وكل شعب من شعوب العالم يحرص على التعلّق بها والحفاظ عليها، وكلما زاد وعي الإنسان بأهمية هويته زاد اعتزازه بها وعلا شأنه. فالهوية هي التي تحدد موطن الإنسان وتضيف إليه خصوصية وذاتية تختلف عن غيره من الشعوب، لكون الهوية تعكس حقيقة الإنسان وثقافته، وتربط المواطن بانتمائه لبلاده جغرافيًا وتاريخيًا، ومن خلالها يستطيع أن يتواصل مع الهويات الأخرى في المجتمعات المختلفة باختلاف انتماءاتهم ولغاتهم وثقافاتهم.
فالمواطن الخليجي عربي ينتمي إلى جغرافيته وتاريخه العربي، ويتحدث باللغة العربية، فهويته عربية وهي صفته الحقيقية في أقطاره الخليجية التي يعيش على ترابها وينتمي إليها، فعلاقة المواطن الخليجي بهويته علاقة وجود وانتماء وتحقق له صفة التميز عن باقي الشعوب التي تعيش في مجتمعه، ويشترك معه في هذه الهوية أفراد المجتمع الذين ينتمون إلى ذات البلاد والمنطقة الخليجية. وهي هوية وطنية تعني انتماء المواطن الخليجي إلى المنطقة التي يعيش فيها دون غيره من الأفراد الذين لا ينتمون إلى ذات المنطقة.
فهي بالنسبة إلى المواطن عنوان انتمائه الوطني، وهي ليست هوية دينية أو طائفية أو سياسية أو مهنية، وهي ليست البطاقة التي تحمل صورته واسمه وعنوانه السكني، بل هي تشير فقط إلى انتمائه إلى وطنه ومنطقته الجغرافية، لكونه ابن هذه البلاد والمنطقة والتي يعني أنه يعيش بهذه الهوية إنسانًا كريمًا مُعزّزًا، يكون متمتعًا بكامل حرياته السياسية والدينية والاقتصادية والحقوقية، وبهذه الهوية يكون هو المستفيد الأول إن لم يكن الأوحد بخيرات وثروات بلاده، والمنتفع الأول والأكثر من غيره من الخدمات والمنافع التي تقدمها حكومته من تعليمية وصحية ونفعية أخرى. إن بناء الهوية للمواطن الخليجي تكون أولاً من مسؤولية بلاده في تشكيلها من خلال جعل المواطن يشعر بحقيقة أنه ينتمي إلى بلاده ومنطقته الخليجية، وكلما اهتمت الدولة بمواطنيها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وحقوقيًا وثقافيًا تعزِّز مفهوم الهوية لدى المواطن وأصبح انتماؤه لبلاده أكثر، فللهوية دور كبير في تعزيز الانتماء والمواطنة للمواطن، وارتباطه ببلاده ومنطقته يُحتم عليه واجبات تجاه بلاده التي ينتمي إليها ويحمل هويتها ويُعتبر أحد مواطنيها وله حقوق وعليه واجبات بحكم قوانين ودستور البلاد.
يجب أن تجسد الهوية للمواطن الخليجي روح الانتماء لدى أبنائها وفي رخائهم وازدهار بلدانهم، فهويتهم جميعهم واحدة، يضمهم موقع جغرافي واحد، ويربطهم التاريخ المشترك، وأنظمة بلدانهم المتشابهة، فأنظمة الحُكم والسياسة والاقتصاد والأنظمة المالية والإدارية جميعها متشابهة. وأن تجسد هذه الهوية الحقوق المشتركة لجميع المواطنين الخليجيين دون استثناء، وبما يجعلهم يعيشون جميعًا بكرامة وعزة في بلدانهم، بما فيه حق التملّك والعمل والعلاج والتعليم وغير ذلك من الحقوق التي تجسد معاني الهوية الوطنية. وتجسد دور ما تقدّمه مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية من خلال الخدمات التي تكون في خدمة الوطن والمواطن.
على المواطن الخليجي أن يعي بأهمية الهوية الوطنية والالتزام بها، فالعمل الجماعي للمواطنين في بلدانهم تنعكس آثاره وإيجابياته على البلاد ومواطنيها، مما يقوّي من النسيج الاجتماعي، ويجعله محصنًا ضد اختراق الأفراد والدول الطامعين في منطقتنا الخليجية وثرواتها وتدنيس ترابها. وتماسك وحدتنا الوطنية الخليجية يُساهم في تطوير أقطارنا وبنائها، ويجعلها قوية وقادرة على مجابهة الآخرين. على المواطن الخليجي أن يعتز بهويته الخليجية العربية ويتمسك بها حتى تحفظه وتحفظ بلاده من كل مكروه.