خالد بن حمد المالك
انقسم الناس في منطقتنا بين من هو مع أو ضد الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب، وأخذ هذا الانقسام طابعاً غير مألوف مقارنة بالمواقف السابقة من الرؤساء الأمريكيين، وكانت لوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي نصيبها في أخذ الموقف المؤيد والآخر المضاد، كل بحسب اجتهاده وقراءاته المبكرة للسياسة الأمريكية في عهد رئيس أمريكا الجديد المثير للجدل.
* *
وأرى أنه من المبكر الحكم على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ترمب، فالأقوال غير الأفعال، وما يقال عادة في الحملات الانتخابية التي تسبق الفوز بمقعد الرئاسة شيء، وما يصدر عن البيت الأبيض بعد تسلم الرئاسة من قرارات شيء آخر، معتمداً في هذا الرأي الشخصي على مراجعتي لما كان يقوله الرؤساء السابقون من أقوال، وما تم تحقيقه خلال ولاية أي منهم بعد الفوز به مرشحاً وتنصيبه لرئاسة أقوى دولة في العالم.
* *
لهذا أقول، إن علينا الانتظار لبعض الوقت، والحذر من إصدار الأحكام المبكرة بما سيكون عليه الحال مع رئيس أمريكي جديد، يبدو أنه يتجه إلى الأخذ بسياسة مغايرة لمن سبقوه، غير أن معالمها وتفاصيلها وإمكانية تحقيقها لا يمكن أن تكون جاهزة منذ اليوم الأول لدخول الرئيس إلى البيت الأبيض، وبالتالي فإن التفاؤل أو التشاؤم كموقف من سياسة الرئيس الأمريكي الجديد يعد رجماً بالغيب، وتسرعاً لا مبرر له.
* *
نعم نتمنى أن تكون سياسة الرئيس ترمب متسقة ومنسجمة مع ما يكرس الأمن والاستقرار في منطقتنا وفي جميع دولنا، ومن بين التمنيات أن يتمكن الرئيس من تحقيق ما عجز عنه كل رؤساء أمريكا السابقين، وأعني بذلك حل المشكلة الفلسطينية - الإسرائيلية، بقيام الدولتين، وهو الحلم الذي طال أمده، وما زال يشكل أهمّ أسباب التوتر والإرهاب في منطقتنا، كما نتطلع من الرئيس ترمب إلى المبادرة سريعاً في حماية علاقات أمريكا بالدول الصديقة والحليفة معها -وبخاصة في منطقتنا- من التصدع الذي أصابها خلال ولاية الرئيس السلف أوباما.
* *
كثيرة هي التمنيات، التي يفضي الحوار على طاولة النقاش إلى تحقيقها، بما يعزز علاقات أمريكا الثنائية مع الدول الصديقة، ويمنع أي خلافات تعرض مصلحة أمريكا وأصدقائها من الدول إلى الخطر، وهو ما ساد فترة الرئاسة السابقة على مدى ثماني سنوات، دون أن يكون في ذلك مصلحة لأمريكا أو لأصدقائها، مما أوجد مناخاً إرهابياً في غياب القوة الأمريكية والتنسيق مع الدول الحليفة بالمنطقة، وتجاهلها لما يجري.
* *
علينا أن نعطي فرصة من الوقت تكون كافية للتعرف على حقيقة سياسة الرئيس الأمريكي الجديد، فقد كان الموقف المتسرع، والترحيب غير العادي، الذي صاحب فوز الرئيس أوباما درساً لا ينبغي أن يتكرر مع الرئيس ترمب، الذي نأمل أن يكون في سياساته ومواقفه وقراراته مغايراً لما كان عليه سلفه، فقد فرّط أوباما بالدور الأمريكي في منطقتنا، وأضعف هامش قوتها، وترك لروسيا الدور الأكثر تأثيراً في أوضاع منطقتنا، دون أن يكون لواشنطون أي دور فاعل، أو مشاركة حقيقية كقوة عظمى لها هيبتها التي كانت.