د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
بحسب الهيئة العامة للإحصاء تعرف المنشآت متناهية الصغر التي يتراوح عدد موظفيها بدوام كامل بين موظف وخمسة موظفين وإيراداتها بين صفر وثلاثة ملايين ريال ( تصنيف بحاجة إلى إعادة النظر فيه فهو مضلل يمكن تجزئته ولا يمكن المقارنة بين منشأة إيراداتها ألفا ريال بمنشأة إيراداتها ثلاثة ملايين ريال ) ومنشآت صغيرة يتراوح عدد موظفيها بدوام كامل بين 9 و 49 وإيرادات بين أكبر من ثلاثة ملايين ريال وحتى 40 مليون ريال ( أيضا هنا الفجوة واسعة بين ثلاثة ملايين إيرادات وأربعين مليون )، فيما المنشآت المتوسطة التي يتراوح عدد موظفيها بدوام كامل بين 50 و 249 موظفاً وإيراداتها أكبر من 40 مليون ريال حتى 200 مليون ريال، أما المنشآت الكبيرة التي تتجاوز المعايير أعلاه ( أعتقد أن مشكلة تصنيف الهيئة العامة أنه ربط بين عدد الموظفين والإيرادات، وفي اعتقادي أنه بحاجة إلى تصنيفين أحدهما وفق عدد الموظفين والآخر وفق الإيرادات ).
وفق دراسة صادرة عن هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في 11/1/2017 ( صحيفة الاقتصادية 12/1/2017 ) أشارت إلى أن نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 21 في المائة، فيما المعدل في أكبر 15 اقتصاداً في العالم بحدود 46 في المائة، وبلغ في الولايات المتحدة 50 في المائة، وفي اليابان 52 في المائة، وكذلك في ألمانيا نحو 54 في المائة، ويرتفع في الصين إلى 60 في المائة.
بينما تساهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في توليد الوظائف في السعودية نحو 53 في المائة رغم أنها توظف عمالة وافدة قد تصل إلى نسبة 100 في المائة خصوصا في المنشآت متناهية الصغر، تبقى أقل من المتوسط لأكبر 15 اقتصاد الذي يبلغ 67 في المائة، وإن كانت الولايات المتحدة نسبتها أقل من السعودية تبلغ 48 في المائة وهي التي تسببت في فوز ترامب الذي سيقلص الهجرة من أجل توظيف الأمريكيين، لكن ترتفع النسبة في الاتحاد الأوربي إلى 67 في المائة وترتفع في الصين إلى 75 في المائة وترتفع أكثر في كندا إلى 85 في المائة.
تبلغ مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة 29 في المائة من الإيرادات الإجمالية للمنشآت في السعودية في الربع الثاني من عام 2016 البالغة 220.7 مليار ريال من إجمالي 754.7 مليار ريال، وتوظف المنشآت الصغيرة والمتوسطة 3.55 مليون مشتغل أي أنها تسهم بنحو 57 في المائة من إجمالي الوظائف في المنشآت في الربع الثاني 2016 البالغة 6.18 مليون مشتغل أي أن المنشآت الكبيرة تساهم بنحو 43 في المائة من المشتغلين البالغ عددهم 2.63 مليون فيما مساهمتها في الإيرادات 71 في المائة بنحو 534 مليار ريال.
ودور المنشآت الصغيرة والمتوسط ليس ضعيفا فقط في السعودية بل حتى في بقية دول الخليج الأخرى ويظهر الضعف في دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دول الخليج من حيث العدد، والاستخدام، والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، عند مقارنته مع مناطق إقليمية أخرى ذات اقتصادات عالية أو متوسطة أو متدنية، حيث الاتحاد الأوربي، تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 99.8 في المائة من جميع الشركات و66.9 في المائة من العمالة و58.1 في المائة من القيمة المضافة، حيث توظف 88.8 مليون وظيفة، وأكثر من 3.6 تريليون يورو في القيمة المضافة و34 في المائة من مجموع الصادرات من مجموع صادرات الاتحاد الأوربي، أو 1.54 تريليون يورو يسهم فيها مصدرو الشركات الصغيرة والمتوسطة.
مؤشر اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي بأن ترتفع مساهمته من 21 في المائة إلى 35 في المائة بحلول 2030 وفق رؤية المملكة، بعد أن كانت هذه المنشآت قد اعتمدت في الفترة الماضية على وفورات الطفرة النفطية أسهم في اضمحلال ثقافة ريادة الأعمال وتحجيم نشاطاتهم المتنوعة، لكن التحديات الحالية يمكن أن تصنع الفرص وإنتاج أجيال جديدة من الرياديين والمبادرين.
وإن فتح باب هذا القطاع أمام سيدات الأعمال حيث تبلغ أرصدة النساء في البنوك بأكثر من 375 مليار ريال مجمدة ونحو 1125 مليار ريال ثروة سيدات الخليج، ولا يزال قطاعا منزويا ويفتقر إلى المشاريع الريادية، وهم بحاجة إلى قرارات وتشريعات تساويهن بالرجال في الاستثمار من دون واسطة تتوافق مع التشريع الإسلامي الذي يرفض أن يكون هناك وصي على أموال المرأة، أو التدخل في استثماراتهن، أو أن تكون الاستثمارات حكرا على الرجال كالمقاولات والعقارات والصناعات، بل بحاجة المرأة إلى تسهيلات أكبر وتحويلها إلى فرص لصالح التوسع في القطاع أفقيا ورأسيا.
وهي فرصة لتوظيف النساء العاطلات عن العمل حيث هناك دراسات تشير إلى أن 60 في المائة من النساء العاملات بالسعودية عاطلات عن العمل، خصوصا إذا ما تم إنشاء أقسام نسائية في المؤسسات والهيئات الحكومية تتولى رعاية المرأة لتحريك الثروات النسائية التي تعتبر مارداً اقتصاديا نائماً، وهناك 27 نشاطا اقتصاديا لا يحق للمرأة العمل فيه يمكن السماح للمرأة أن تشارك الرجل في التنمية.
السوق الموازية التي ستفتح أبوابها في 26 فبراير 2017 التي تقتصر على فئات المستثمرين المؤهلين وليس الأفراد هدفها توسيع أنشطة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يجب أن تقضي على التوطين الوهمي وغير المنتج، حيث يعد السوق الموازي بوابة تمويلية لخدمة وتوسيع الاستثمار إضافة إلى أنها تتناسب مع الشركات الحديثة كونها عالية المخاطر وتبحث عن التوسع وزيادة الشفافية وتفعيل الحوكمة ما يؤدي إلى الاستمرارية إلى جانب المردود المعنوي العالي على الملاك.
بل يتيح السوق الموازي إلى جذب الشركات الصغيرة والمتوسطة العالمية، وذلك منذ أن سمحت السعودية للشركات الأجنبية بالاستثمار المباشر في السوق المحلية بنسبة 100 في المائة، وهناك شركات أميركية أتمت الاشتراطات منها ثلاث شركات أميركية فايزر، ثري إم، وداوكيميكال، اثنتان منهما متخصصتان في الأدوية، وأخرى متخصصة في مجال بتروكيميكال، والشركة الرابعة شركة هواوي الصينية المتخصصة بالتقنية، والغرض من فتح الاستثمار المباشر للشركات الأجنبية هو تحفيز الشركات العالمية على دخول السوق خاصة الشركات التي لا تسمح أنظمتها بإدخال شريك سعودي للدخول للسوق.
وكشفت مصادر عن عزم شركات استشارية كندية بناء معاهد مشتركة مع مجموعة من المعاهد الجديدة متخصصة في تدريب أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة خصوصا وأن في كندا نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في توليد الوظائف بنسبة 85 في المائة، رغم أن مساهمتها في الناتج المحلي لا يتجاوز 29 في المائة وهي نسبة منخفضة، لذلك على تلك الشركات أن تستعين بدول تكون مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي كبيرة مثل ألمانيا أو اليابان الذي يبلغ 54 في المائة التي ترتفع لديها قدرة في توليد الوظائف كذلك تصل إلى 63 في ألمانيا و66 في اليابان.
وتعاني المنشآت الصغيرة والمتوسطة جملة من التحديات أهمها احتكار الشركات الكبرى للمشاريع التنموية بدلا من أن تكون تلك الشركات تعمل تحت مظلتها وبدعمها أو فروع لها، وستخرج المنشآت الوهمية لأنها لن تحصل على نفس المميزات.
كما أن منشآت المقاولات الصغيرة مستودع التستر في السعودية، وكذلك قطاع التجزئة الذي يتوقع بعض الاقتصاديين أن يبلغ حجم هذا السوق 270 مليار ريال خلال 5 سنوات قادمة وهو الأكبر من إجمالي حجم تجارة التجزئة على مستوى دول الخليج، ومن أكثر القطاعات توليداً لفرص العمل وإسهاما في الاقتصادات الإقليمية والعالمية، ويمثل قطاع المأكولات 44 في المائة من إجمالي قطاع التجزئة.
لذلك يعتبر هذا القطاع عائقاً أمام توطين اليد العاملة الوطنية حيث تمكنت دولة الإمارات للقضاء على التستر بإفراغ نظام الكفيل من جوانبه المثيرة للجدل وهي ضمن إصلاحات واسعة لقانون العمل التي تكفل وتمكن للعامل الوافد من إنهاء وظيفته والحصول على أخرى من أجل خلق منافسة عادلة لأن اختلال قنوات الاستثمار يفشل المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
حيث هناك 267 ألف منشاة صغيرة ومتوسطة في المملكة 68 في المائة منها مدارة من الوافدين يبلغ عدد المنشآت متناهية الصغر 1.5 مليون منشأة، 230 منشاة صغيرة و37 ألف منشأة متوسطة تشكل جميعها 99 في المائة من أعداد المنشآت في المملكة في منتصف 2015، وفي نحو 996 ألف منشأة صغيرة نسب التوطين فيها لا تتعدى 13.37 في المائة.