محمد عبد الرزاق القشعمي
عند مشاركتي في (الأيام الثقافية) السعودية بجمهورية مصر العربية عام 2006م طلب مني التحدث عن المجالس الثقافية لأبناء المملكة في مصر وعن البعثات الطلابية الأولى، ووجدت أن من ضمن من أقام آخر حياته بالقاهرة زكي عمر، فبعد إحالته إلى التقاعد عام 1376هـ/ 1957م وتعرضه لحادث أصبحت رطوبة جدة تعوق شفاءه ولا تساعد على تحسن صحته، اقترح عليه العيش في مصر، وكان له مجلس بجدة يختلف إليه بعض أصدقائه وزملائه مع بعض الأدباء. وكانت تجمعهم حكاياته وذكرياته وكلماته الفلسفية.. فانتقل مجلسه بجده معه إلى القاهرة، «.. حيث كان يلقى كل وافد إليه بالحب والترحاب، وكانت داره تمثّل أحد الصالونات المهمة إذ كان يستقبل الأدباء والعلماء والأطباء ورجال الدين من أصدقائه ومحبيه يجلس إليهم فيحدثهم ويناقشهم عن معرفة وإدراك فرغم أنه لم ينل الشهادات الكبيرة إلا أنه نال العلم والمعرفة بالاطلاع والفطرة وممارسة الحياة التي عركها وعركته. ضم مجلسه القاهري صديقه فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والدكتور عبد الحميد بخيت أستاذ التاريخ في جامعة القاهرة، والشيخ أحمد الباقوري وزير الأوقاف سابقاً.. »( ) وكان كعادته على جانب عظيم من مكارم الأخلاق وحب الخير ومساعدة المحتاجين.
وجدت بعض المعلومات عنه رغم شحها إذ كان زكي عمر من طلاب أول مدرسة افتتحت في ينبع عام 1327هـ والتي افتتحها قائم مقام ينبع بشير السعداوي، وكان من زملائه الأديب محمد حسين زيدان وإبراهيم زارع ومحمود الخطيب وغيرهم، وبعد تخرجه من تلك المدرسة عين موظفاً في مالية ينبع، قال عنه الشيخ حمد الجاسر عند ما جاء مدرساً في ينبع عام 1353هـ تقريباً إن زكي عمر رئيس للمحاسبة وكان مدير المالية محمد العثمان الناجم، وبعد فترة انتقل زكي عمر إلى إدارة مالية الأحساء وجماركها( ).
قال عنه طلال طه ضليمي في كتابه عن والده (رحلة من البحر الأحمر إلى الخليج) «..إن زكي عمر - مدير إدارة مالية ينبع - الرجل القيادي المثقف والمستنير وقتها ظاهرة استثنائية - كان من أوائل الذين تعلموا في مدرسة ينبع الأميرية، برع مبكراً لدرجة دفعت أمير ينبع عبد الرحمن بن سعيد أن يوليه أمانة المالية لكونه يجمع بين الصدق والأمانة والكفاءة..» وقال إن والده - طه - قد بدأ يتردد على منزل الشيخ زكي عمر عام 50 - 1351هـ/ 1932م - بعد أن وظفه في مالية ينبع - الذي كان يجمع نخبة من المثقفين والعاملين في قطاع المالية والجمارك.. وأن زكي عمر قد انتقل كمدير لجمارك الأحساء أوائل عام 1354هـ ليحل محل الشيخ محمد الطويل( ).
ونجد إبراهيم الحسون يذكر في (خواطر وذكريات) أنه عمل مع زكي عمر الذي كان يشغل وظيفة (إدارة عموم الرسوم) في الجمارك التي كان مركزها ميناء (العقير) الذي يقع على الخليج العربي على بعد مائتي كيلو متر جنوب الخبر، وعلى بعد تسعين كيلو متر تقريباً شرق الأحساء.
وقال إن مدير هذه الدائرة أحد أبناء ينبع النابهين وهو المرحوم زكي عمر، وكانت الجمارك الواقعة في كل من الجبيل، والقطيف، ودارين، والدمام، والخبر تتبع له. وكان ذلك حدود عام 1357هـ، وفي نهاية العام استدعي زكي عمر للطائف تحت طلب وزير المالية. وفي العام التالي أعلنت الحرب العالمية الثانية فعاد زكي عمر ليؤسس إدارات جديدة للجمارك في حدود المملكة مع العراق والكويت في قرية، وأم رضمة، ولينة، ولوقة، والدويد، وأصبح لقبه الرسمي المدير العام لماليات الأحساء وجماركها.