د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** لعله الشاهد الأهم على مسيرة الأندية الأدبية وتحولاتها وتقلباتها فقد عايشها فكرة وبقي معها وشاهدًا لها وعليها ومؤمنًا بدورها ومشفقًا منها، وحين اقتربت الثمانون كتب سيرته المليئة بمنعطفاتٍ وحكاياتٍ وتحديات.
** وسمها بـ«محطات عمر»، وما كان لها أن تكون غير هذا؛ لتبقى علامتُها المميزةُ لدى «عصبة الأدباء» -وفق تعبير شيخنا أبي بندر المعمر- ترجلَه من العمل الرسمي في مبتدأ الألفية الثالثة مديرًا عامًا للأندية الموسومة أدبيةً وقيل أبدية؛ فقد ماج الزمن وركدت، وتحرك الناس ووقفت، وتبدل وجه الحياة وما تزال كما وضع لبناتها الآباء المؤسسون.
**لم تكن الأندية محطة حياته الأبرز، لكنها الأشهر، وفي سيرته تميز يندر ترسمُه؛ فالأوراقُ لا تتحرك وفق السنين في تراتبيه رتيبة بل تتجدد مع التعدد، وربما سبقت حكايةٌ قريبةٌ صورةً بعيدة دون أن يدَّعي أنه قال كلَّ شيء مثلما لم يحبذ اللجوء إلى الرواية السيرية التي ستتيح له القفز فوق التوجس والتحسس والتفسير والتبرير.
** الأستاذ عبدالله بن محمد الشهيل تنقل بين الليث ومكة والرياض وبغداد وبيروت والإسكندرية وعديدٍ سواها، وبين وزارة الشؤون البلدية والقروية والإعلام ورعاية الشباب وشارك في معظم مؤتمرات وزراء الثقافة ومسؤوليها من المكسيك حتى باكستان وما بينهما وما وراءهما، وآثر في سيرته الغنية أن يتجاوز الحكايات المباشرة في علاقاته مع الوسط الثقافي المحلي والخليجي والعربي مؤثرًا اقتصارها على المجاملات والعموميات، وليته أفصح عما يعرفه من أسرار وما يحيط بالثقافة الموجهة من أسوار دون أن يضطر للتدليل والتعليل بوسومٍ أو أسماءٍ أو تحليل.
**امتدت تجربة الأستاذ الشهيل عبر الإذاعة والتلفزيون ومجلة الجيل وملف الثقافة والفنون ودوريتي «قوافل وعلامات» عقودًا ثرية، كما له عشرة مؤلفات في التأريخ والثقافة، وما يميز ذاكرته التي خطَّت سيرتَه عنايتُها بالشخوص الذين عبروا في حياته الممتدة دون أن يكتفي بذكرهم وإنما بالترجمة الموجزة لهم؛ فاجتمعت المعلومة مع المتعة في كتاب كبير تجاوز «ست مئة صفحة»، والظن أنه سيضيف ما يعادلها لو قال كل شيء، وهيهات.
** التوثيق ثروة.