وأعرفُ وجهكَ..
أعرفُ كُلَّ الكلامِ
الذي جاورتكَ به الأرضُ،
كُلَّ السُّكونِ
الذي نذرَتْهُ السَّماواتُ في مقلتيكَ،
وكُلَّ البلادِ
التي مدَّها الله في وجعِكْ.
وأعرفُ اسمكَ..
أعرفُ أيَّ غَمامٍ تحدَّرَ منهُ
وأيَّ الأساطيرِ جاءتْ إليهِ
وكيف تخلَّقَ فيه الصَّدى والصُّراخُ
وكيف تراءتْ له النبوءات
وكيفَ تمادَى إلى عَرشِ رُوحِي,
وكيفَ استوى فيَّ,
كيفَ ملَكْ.
وأعرفُ قلبَكَ..
أعرفُ كيفَ يُقام بشُرْفاتهِ العُرسُ نحو الخُلودْ,
وكيفَ تحجُّ إليهِ الورودْ
وكيفَ يُغنـِّي على شَجرِ الوقتِ,
لا البَحرُ يدريْ..
ولا الليلُ يدريْ..
ولا الطرقاتُ التي جَاهرتْ بالحنين,
ولا القدرُ المستميتُ الحزين,
بأني هنا..
أذرعُ القلبَ -قلبكَ-
فيهِ أعدُّ الطيورَ الحميمةَ
منهُ أعتّقُ عِطرَ المساءِ
وعنهُ أحدِّث خمرَ الليالي وصَومَ النِّداءْ.
وإني أحبكَ.
مَنْ صَبَّ في لغتي كلَّ هذا الصهيل؟
ومَنْ حرَّك الماءَ في نهريَ
الصَّامتِ المستحيلْ؟
ومَنْ روَّض العشقَ؟
أفرجَ عن أشهبي الخاطفةْ؟
ومَنْ ليس يدري بأني لديهِ وُلِدتُ
ومنهُ ابتدأتُ حكايا الغيومِ
ومنه اجترحتُ هوى العاصِفةْ.
وإني أحبكَ..
هل تتبرأ عينُ اليتيمةِ من عينِها؟
وهل يُعزلُ العَصرُ عن ظلهِ؟
وهل تهرب الروح من روحها؟
«وإني أحبكِ»
قلها كثيرًا..
هَيِّئْ فصولي لآخرِها اللا نهائيّ..
هَيِّئْ جِناني لأوّلها.
- شعر/ سهام العريشي