الثقافية - محمد المرزوقي:
في تعقيب للناقد والكاتب الدكتور سعد الرفاعيّ، على ما نشرته «المجلة الثقافية» في عددها الأسبوع الماضي تحت عنوان: «أزمة منتصف الكتابة» قال فيه: بالنسبة للأدباء والشعراء والكتّاب، أتحفظ على مصطلح «منتصف العمر» لأسباب عديدة، إذ بعضهم يشير إلى أنها تأتي منتصف العمر، إذ قد لا تكون «الأربعين» منتصف العمر بشكل دقيق، إن أردنا أن ننطلق من المنظور الإسلاميّ، انطلاقاً من قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ...} فأعمار الأمة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، ما بين الستين إلى السبعين، وأزمة منتصف العمر قد تبدو في تغيرات في طبيعة الرجل وتأثره من نواحٍ هرمونية وفسيولوجية، وهنا أعتبر «الأربعين» رمانة الميزان بالنسبة للإنسان لأنها بداية النضج، فأشده قوته من كل شيء، فبالتالي هي رمانة الميزان فيما يخص الأديب والمثقف أو المبدع.
وأضاف الرفاعيّ: ربما بعضهم قد يتوقف ليراجع حساباته بعد عقود أربعة، لينظر فيما مدى غلبت هواية بذاتها عليه، ومدى تقصيره في جوانب حياتية أخرى، هذه تجعل الإنسان يتعامل من ناحية قد تكون بوعي أو أخرى بدون وعي، فبعضهم قد يتجه إلى محاولة (التكفير) عن تقصيره في جوانب معينة، إلى هجران الهواية التي سيطرت عليه لسنوات، وأخذت جلّ وقته، وذلك كتعويض عما سبق، وبعضهم قد لا يكون بوعي منه، وإنما في محاولة منه لعمل توازن ربما بالتوقف، لكونه يرى أنه أعطى هذا الجانب أو ذاك كثيراً وكثيراً.. في أدب.. أو شعر.. أو فن إبداعي ما، ويريد أن يعطي جوانب أخرى من الحياة.
ومضى الرفاعي من خلال تجربته الشخصية في تعقيبه قائلاً: ما أؤمن به أن لكل مرحلة جمالها، ولكل عمر رؤيته وفلسفته، وبالتالي فإن سن الأربعين أو الخمسين.. وكل مرحلة من مراحل العمر هي مرحلة جديدة، لها رؤيتها وفلسفتها لإبداع جديد مختلف ونوعيّ لدى الكاتب أو المبدع أو الأديب، ولا شك أن فلسفة الحياة بعد هذا العمر تتغيّر، وكذلك رؤية الإنسان إلى حياته، ما يجعله يعيد حساباته من منطلق البحث عن (الأثر) لكونه يثق أنه لم يبق لديه أكثر مما فات، ما يجعله يراجع ما حقق من أهداف كمنجز، وما يريد أن ينطلق إليه من أهداف، ما يجعل من هذه المراجعة تنعكس على رؤاه وقناعاته، وبالتالي تنعكس على منتجه الإبداعيّ والأدبيّ كماً ونوعاً ونضجاً، وستغلب الرؤية الفكريّة الناضجة على أعماله خلافاً لما سبقها.