أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: قضى الأستاذ الكبير (عجاج بن أبي قاسم يوسف نويهض [1897- 1982] رحمه الله تعالى حياتهَ مجتهداً مناضلاً بفكره وعمله السياسي؛ إذْ كان من أقطاب القوميين العرب ولكن من منطلق الإسلام.. كما قضى حياته متنقلاً بين أقطار الشام بِعُرْفها التاريخي قبل التقسيم الاستعماري؛ فكان من أعرف الناس بكل حركات الكيد الصهيوني؛ لأنه ملمٌّ بتراثهم الْـمُخْزِي من لغاته الأجنبية، معايِشٌ الهمومَ العربية في أوجها؛ وكان عمره خمسة وثمانين عاماً بالتاريخ المِيلادي، وقليل من شبابنا يعرف هذا الرائد الكبير، وأرى أنه على الإطلاق خيرُ من أبرز البروتوكولات دراسةً وترجمة وتحشيةً وملاحِقَ، وأنَّ عدم استيعابِ مثلِ هذا الكتاب من مشايخنا وشبابنا وكهولنا من تراثي وحداثي: غَبْنٌ كبير، وانصرافٌ عن المَـكايد التي تُراد بنا: إما إلى أشياء هامشية، وإما فضولية عند من صرف عمره ومواهبه ولغته الثانية لثقافاتِ هامشيةٍ مَحْضة؛ وإنني مُلَخِّصٌ أهم ما يلزم من تأليف نويهض المضمَّن في كتاب البروتوكولات، وملخصِّ من البروتوكولاتِ نفسِها ما هو مُعايَشٌ من إنجازات الكيد الصهيوني، وذلك على هذا النحو:
1ـ التوثيق التاريخي العلمي المُستوعب للبروتوكولات منذ انعقاد المؤتمر اليهودي العالمي في (بازل) بسويسرا؛ إذْ اختار القيصرُ الروسيُّ عصبةً من مَهَرة الجواسيس المدرَّبين، فاقتحموا قاعةَ المؤتمر وبينهم ثلاثمة يهودي من رجال الاقتصاد والمال وأساطين الفكر؛ ففرَّ المُؤتمرون بأنفسِهم، ولم يكن للروس همٌّ سوى جَمْعِ أوراقِهم التي نُخِلَتْ في ( بطرسبرج)؛ فاسْتُخْرِج منها البروتوكولات باللغة العبرية على الأرجح، وقد قدَّمها مسوَّدةَ عملٍ اليهوديُّ (أشرغنز برغ) [1856- 1927] من مواليد (أودسا) في إقليم (أوكرانيا) موئِلِ العنف اليهودي منذ قرون؛ وهو خليفةُ (هرتزل) في رعاية الصهيونية، وهو من منظمة (عُشَّاق صهيون) في روسيا؛ وهم الذين يغتالون القياصرة؛ فلما اتجهتْ الأنظارُ إليهم أخذوا يهاجرون إلى الأمريكيتين وفلسطين، وقد هلك (اشرغنزبرغ) في تل أبيب.. وحصل على البروتوكولات من روسيا (فكتور أ.مارسدن) سِرَّاً، وترجمه بسريَّة أيضاً تامة بمكتبة المتحف البريطاني بلندن من العبرية إلى الإنجليزية عام 1919م، وقيل بل ترجمه عن طبعة روسيا عام 1905م.. ومآلُ طبعةِ (مارسدن) إلى البروفسور (شرجي نيلوس) الغيور على الأرثوذكسية وروسيا سواءً أكانتْ النسخة التي أخذها (مارسدن) من روسيا، أم كانت النسخة التي وجدها بمكتبة المتحف البريطاني؛ وعلى هذا يكون ترجمها (نيلوس) من العبرية أو الفرنسية؛ وهي النسخة الوحيدة التي أخفاها في ملابسه أو في مكتبة المتحف البريطاني؛ لأن الأوامر صدرت من الثورة الشيوعية في عهد (كيرنسكي) بمصادرةِ البروتوكولات، وإحراقه وسجن (نيلوس) وتعذيبه.
قال أبو عبدالرحمن: من البروتوكولات ومصادرها كانتْ خطة أَبَوَيْ الصهيونيية العالمية (هرتزل) و(أشرغنزبرغ) وذلك بتحقيقِ روحِ (الاقتحامِ) التي تعني الإرهابَ والجمعياتِ السرية؛ ولهذا أنشأ منظمة بني موسى السرية لتخريج الإرهابيين، وكثرت المُنظمات السرية في فلسطين وغيرها كمنظمة القومية العسكرية برئاسة الإرهابي (مناحيم بيغن)؛ وكان لهم في كل بلد من بلدان العالم منظمات سِرِّية إرهابية على نحو منظمة (عشاق صهيون) في روسيا، ولا سيما أن البروتوكولات تعني التسلطَ على العالَـم، وإقامةَ الدولة اليهودية الواحدة.. وإلى لقاءٍ في السبتِ القادِم إنْ شاء الله تعالى, والله المُستعانُ.