أ.د.عثمان بن صالح العامر
تعرّض الوطن بمؤسساته الحكومية منتصف هذا الأسبوع لهجوم إلكتروني خطير عن طريق فايروس شرس أطلق عليه «شمعون المطور 22»، خطورة هذا الفايرو تكمن في محو سجلات الإقلاع الرئيسة MPR المهمة في بدء العمل، والإضرار حتى بزوار المواقع الإلكترونية.
هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم هذا الفايروس بالذات المملكة، إذ كانت له عدة محاولات «لتدمير بياناتنا إلكترونياً:
* ففي 15-8-2012م هاجم «شمعون» أجهزة الكمبيوتر في شركة الطاقة السعودية (أرامكو) نتج عنه تعطل 30 ألف حاسوب شخصي.
* وفي 19-11-2016م عاد من جديد مستهدفاً تعطيل الخدمات لبعض الجهات الحكومية، ومنشآت حيوية من بينها قطاع النقل.
* وعاود هذا الفايروس المدمّر نشاطه الاثنين الماضي 23-1-2017 م الساعة 20:45 ، فعمل على تعطيل موقع وزارة العمل والاتصالات وتقنية المعلومات وشركة صدارة للكيميائيات و...، وما زالت التهديدات قائمة حتى تاريخ كتابة هذا المقال، وقد لا تكون الأخيرة التي سيهاجم هو أو غيره مواقع دوائرنا الحكومية على الشبكة العنكبوتية، مما يعني أننا أمام حرب إلكترونية حقيقية توجب تجييش المختصين لمواجهة هذا الخطر المحدق بنا الذي - جزماً - تقف خلفه قوى دولية معادية، ولا يمكن بحال أن يكون مجرد عمل هواة مجازفين.
إنني مثل غيري كثيرين أتساءل بحرقة وألم، ترى:
* أين آلاف الخريجين والخريجات السعوديين والسعوديات، المتخصصين في أمن المعلومات الذين درسوا في أعرق الجامعات العالمية ؟
* أين هي الأموال - التي صُرفت من أجل تأسيس البنية الأساسية للحكومة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية - من ردم الهوّة وتحقيق الحصانة والحماية اللازمة لمؤسساتنا الحكومية ؟.
ماذا فعلنا منذ هجوم شمعون 2102 وحتى اليوم، وماذا عسانا أن نفعل في المستقبل القريب؟.
شخصياً أرى أنّ هناك أمورًا ناجزة وخطوات ضرورية عاجلة لابد من القيام بها، مع وضع إستراتيجية وطنية واضحة لحماية فضائنا الإلكتروني، لعل من أهمها:
* وجود متخصص في أمن المعلومات في كل مؤسسة من مؤسساتنا الحكومية إن لم يكن أكثر.
* سعودة جميع موظفي تقنية المعلومات في دوائرنا الحكومية وجامعاتنا السعودية.
* العمل بالنظامين الإداريين معاً «الإلكتروني» و»الورقي»، خاصة في الأمور الدقيقة والحساسة، سواء أكانت مالية أو إدارية أو أكاديمية أو بحثية، فنحن ما زلنا في المرحلة الانتقالية.
* التوظيف الأمثل للطاقة الشابة البارعة والمتميزة في الاختراق والتهكير، وذلك باحتوائهم في أكاديمية متخصصة، والاستفادة منهم في صد الهجمات وتحقيق الحماية المطلوبة، إذ إنّ العالم التقني هو في الأساس يعتمد على الجانب المهاري الذي يتطور بالتدريب والممارسة.
وجود هيئة متخصصة في الحماية وتراص الجيش التقني، إذ إنّ الوضع الآن أنَّ كل مؤسسة معنية بتحقيق حماية أجهزتها، ودور هيئة الاتصال إصدار التشريعات، مع الاعتراف بالجهود المتميزة التي تبذلها الهيئة ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، خاصة المركز الوطني للتطوير التقني.
إننا على أعتاب مرحلة جديدة تحتاج إلى التسلح بعدّة المرحلة وعتاد اليوم، والتقنية هي ثورة العصر، والعالم الافتراضي قد يكون هو مكان المعارك غداً، ولذا كان لزاماً أن نعدّ ما استطعنا للمنازلة التي يراد منها ضرب منجزاتنا والإضرار بمصالحنا. حفظ الله بلادنا، ووقانا جميعاً شر من به شر، وإلى لقاء والسلام.