سعد الدوسري
أكثر ما يُفشِل التجارب الحضارية في مدننا، هو الجانب التنظيري، المنفصل عن آليات العمل. نحن نجيد وضع الخطط، لكننا لا نأت بمن يضع جدولاً صارماً لتنفيذها وتحويلها من ورق إلى واقع. من هنا، فإنني ربما أقتنع بما ورد في ورقة عمل أمين سابق لمنطقة مثل الرياض، كالدكتور عبد العزيز بن عياف، بحكم أنه شاهد عصر على الرؤى والمعوقات:
- من المهم إعادة صياغة مفهوم إدارة المدن والعمل البلدي بما يضمن تبنِّي منهج الإدارة المحلية والحضرية للمدن، والمتمثل في تعزيز مبدأ اللا مركزية وتشجيع الاستقلالية المالية والإدارية، بما يضمن تحفيز البلديات للتعامل مع قضايا التنمية بأسلوب الوقاية من الحرائق بدلاً من إطفائها، وإطلاق المبادرات بدلاً من ردود الأفعال، وتوجيه التنمية بدلاً من ملاحقتها. إنّ الشواهد السلبية في عدم التطبيق وفي تدخل الإدارة المركزية أكثر وضوحًا وإيلاماً في إعاقة العمل وتكبيل انطلاقة البلديات بمبادراتها. والكثير من المبادرات الجميلة والإيجابية للأسف لم تر النور بسبب المركزية. ومدينة كالرياض لم تَعُد تحتمل الأخذ على يدها بمركزية، ولم يَعُد مقبولاً معاملتها كمعاملة المدن المتوسطة والصغيرة؛ بل ومن الظلم تهميش شخصيتها الاعتبارية.
دائماً أقول، بأنّ الذين أغلقوا على أنفسهم أبواب الزمن من جميع المسؤولين، ومنعوا أدوات التطور من النفاذ إلى عوالمهم، هم الذين تسببوا في تكريس المركزية، إذ إنهم يخشون على مناصبهم من قرارات شابة متجددة، قد تصرف الأنظار عنهم، وتسلبهم مناصبهم. ومرة أخرى، فإنّ الوطن والمواطن، هو من يدفع ثمن كوارث هذا النمط من المسؤولين.