عثمان أبوبكر مالي
يسجَّل للهيئة العامة للرياضة حرصها الكبير واهتمامها بكثير مما له علاقة بعملها، وببعض ما لا يقع تحت مسؤولياتها، وليس من واجباتها، سواء إداريًّا أو رياضيًّا، غير أن ذلك الاهتمام قد يؤدي إلى أن تتوسع الهيئة في اهتمامات وأعمال لا تتعلق بها، وتهمل أو تتساهل في أعمال ومهام هي من صميم واجباتها، وقد يؤدي حرصها على أعمال غيرها إلى مواجهة واصطدام مع فئات أخرى مهمة في الرياضة وخارجها، على النحو الذي حدث عندما تصدت لمهمة (توثيق بطولات الأندية الرياضية)؛ فوجد عملها رفضًا وهياجًا من فئات رياضية كثيرة، وتسبب في اعتراض واسع ولغط كبير، وصل إلى حد التجاوز غير المقبول.
بوادر لغط جديد واعتراض أكبر يبدو في الأفق مع انتشار معلومات، بل أخبار (رسمية)، تشير إلى أن الهيئة بصدد مد بوصلة اهتمامها وتوسيع دائرة وصايتها؛ ليشمل الإعلام الرياضي، مع شروعها في (تطوير وتحديث الأنظمة واللوائح الخاصة بها)، وهي قد وضعت (ترتيبات تنظيمية) لتحقيق ذلك تحت مسمى أو ستار (الارتقاء) بالإعلام الرياضي، في حين قد يكون التوجه الحقيقي هو الوصول إلى إنشاء اتحاد للإعلام الرياضي، يكون واحدًا من ضمن الاتحادات الرياضية التي تقع تحت (مظلة) اللجنة الأولمبية، وكأن الهدف الأساسي هو إكمال سيطرة الهيئة على (أدوات الرياضة) كاملة (اللجنة الأولمبية والأندية الرياضية والاتحادات المحلية، بما فيها اتحاد كرة القدم، وأخيرًا الإعلام الرياضي)!!
سعي هيئة الرياضة لضم أو (احتواء) الإعلام الرياضي ليس أمرًا جديدًا، وإنما هو قديم، ويبدو أن الهيئة في بحثها عن (التحديث والتطوير) لأنظمتها ولوائحها أخرجته من الملفات القديمة لـ (الرئاسة العامة لرعاية الشباب)؛ فالموضوع سبق أن طُرح نحو عام (2005م)، وبُذل من أجل الوصول إلى تنفيذه السبل والوسائل كافة، وتم تشكيل فريق عمل ضخم وفخم، خلص إلى تقديم ورقة عمل لتأسيس (الاتحاد الرياضي للإعلام) في نحو عام 2008م، لكن المشروع تحفظت عليه وزارة الثقافة والإعلام، وأجهضته (هيئة الصحفيين السعوديين) عندما كان قد أُخذ رأيها، وكان ردها على المشروع الرفض الكامل والتام، وقالت في حينه لرعاية الشباب (موشغلكم)، ومن ثم سعت إلى إيجاد (مشروع) بديل، تمثل في إعلان إنشاء (لجنة الإعلام الرياضي) في نوفمبر عام 2014م أثناء استضافة المملكة بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم (22)، وهي اللجنة التي لا تزال قائمة حتى وإن كانت (حبرًا على ورق)!
كلام مشفر
* الإعلام لا يدخل إطلاقًا ضمن مسؤوليات هيئة الرياضة، ولا يمت لها بصلة، لا من قريب ولا من بعيد، من حيث مهامه وواجباته الحقيقية والعملية، ولن تستطيع الهيئة أن تغيّر من واقعه أو تطوره حتى إن سيطرت عليه.
* لن يقبل الإعلاميون المتمرسون، و(المهنيون) منهم على وجه الخصوص، أن يكونوا تحت مظلة جهة لا علاقة لها بالإعلام، أو أن يكونوا واحدة من أدواتها؛ لأن ذلك يتعارض مع مهامهم وواجباتهم الإعلامية ووظيفتهم في (إبقاء الرياضيين والشباب عمومًا على علم بما يجري حولهم من أمور وأنشطة رياضية).
* رغبة الهيئة في الوصاية على الإعلاميين الرياضيين تتعارض مع دورهم في المجتمع كقادة رأي في مجال تخصصهم وأداء واجباتهم في (الرقابة الرياضية العامة)، وتكوين الرأي العام، وفي جعل أفراد المجتمع الرياضيين (مستنيرين) فيما يجري حولهم.
* كنت أتوقع أن ردة الفعل التي وجدتها (هيئة الرياضة) بعد خطوتها في موضوع (توثيق البطولات) تجعلها لا تحاول تكرار التجربة في أمور أخرى، خاصة إذا كان لا علاقة لها بها البتة، وحتى إذا كانت ترى فيها تأثيرًا (سلبيًّا) عليها وعلى أعمالها فإن من حقها أن تعطي آراءها وملاحظاتها للجهة الرسمية المسؤولة، لا أن تحاول سحب البساط من تحت أقدامها.
* هناك أعمال من مهام وصميم واجبات هيئة الرياضة، ولها دور كبير وتأثير، ويمكن أن يجعل من عملها (علامة فارقة) في المجتمع إذا اهتمت بها وفعّلتها، مثل جعل الرياضة (روتينًا يوميًّا) للإنسان السعودي.
* أحد سبل تحقيق ذلك تفعيل (الساحات الشعبية) في المدن والقرى، والاستفادة مما هو قائم وموجود بالفعل، خاصة في المدن الكبيرة من مساحات متفرقة (خصصتها) أمانات المدن ولم تهتم أو تلتفت لها مكاتب الهيئة حتى الآن إطلاقًا.
* أحاول تصوُّر كيف سيكون حال الإعلاميين إذا أصبحت مسؤوليتهم مناطة بـ(اتحاد) الإعلام الرياضي؟ أتوقع أن (البلوك) سيكون (وسيلة) التعامل الأولى والرئيسة لوقف الرأي الآخر، وسيتجاوز معرفات التواصل الاجتماعي، ويمتد ليصل إلى بعض برامج القنوات الفضائية الرياضية والأقلام والأعمدة الصحفية، وحتى مسؤولي ورؤساء الصفحات والصحف الرياضية!