فهد بن جليد
في إحدى عواصم شرق القارة، وبحكم أننا شعب مُولَع بـ(الكبسة، والمثلوثة.. إلخ) حتى عند سفرنا للخارج، زرت مع مجموعة من الأصدقاء أحد المطاعم التي تخصصت بالأكل السعودي والخليجي -بالمناسبة من يقوم بإعداد الأكلات هناك هم بعض العاملات سابقاً في بلادنا- واللاتي اكتسبن الخبرة، وفهمن أسرار المطبخ السعودي من البحر إلى البحر!.
اقترحت على المسؤول هناك أن يضع لافتة على طاولات الطعام للزائرين العرب يُكتب فيها عبارة : «الأكل الفائض من طلبك، سيتم تقديمه نيابة عنك للفقراء» خصوصاً وأن السائح السعودي والخليجي ربما تراجع عن طلب بعض الوجبات خوفاً من الإسراف و إهدار الطعام وهو يُشاهد منظر المُحتاجين في الشارع، قبل دخوله للمطعم؟!.
بعد فترة اتصل بي الرجل شاكراً لأن دخلهم زاد، بل إن العاملين في المطعم يشعرون بالسعادة وهم يُنظِّمون ما يفيض من الطعام، ويُقدمونه (بطريقه لائقة) للمُستحقين، والأمر لم يُكلف المطعم شيئاً لأن الزبون الذي يتناول الطعام وضع في الحسبان -قبل أن يبدأ في الأكل- أن ما سيفيض من وجبته سيتم الاستفادة منه، لذا يتناول الطعام بطريقة صحيحة مُراعياً آداب الأكل، مُحافظاً على ما بقي، تذكرت هذا الموقف وأنا أقرأ خبر هدر أكثر من (180 ألف وجبة) في مناسبات بمدينة الرياض خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، بسبب عدم فهم الناس لكيفية تناول الطعام بطريقة تُساعد على الاستفادة من الفائض؟!.
بالمُناسبة كيفية تناول الطعام (بطريقة تُساعد على الاستفادة من الفائض منه) مسألة مُعقَّدة جداً، وبحاجة لعمل مُكثف ودؤوب ينطلق من شعور الأسرة أولاً بأهمية هذه الثقافة في آداب تناول الطعام، كواجب ديني وأخلاقي وتربوي، وتعليمه للأطفال الصغار حتى تكبر وتتنامى معهم هذه الثقافة، وهو عكس ما نراه للأسف في الكثير من المناسبات، عندما يتنافس الناس على ملأ الأطباق بالطعام دون حاجة، وحرمان فرق وجمعيات حفظ النعمة المُنتشرة في بلادنا من الاستفادة منه، ويُشاركهم في ذلك الإعلام الذي يجب أن يبث رسائل توعوية مُماثلة؟!.
هل يكفي وجود جمعيات وبنوك لحفظ فائض الأطعمة والولائم في بلادنا؟!.
الإجابة -برأيي- لا، بل يجب أن يكون من مهام هذه الجمعيات تثقيف المجتمع بالطريقة الصحيحة لتناول الطعام، وعقد شراكات مُسبقة مع المطاعم وروادها حتى تتمكن فرقهم من جمع الطعام وفرزه وتغليفه وتقديمه للمُستحقين بطريقة لائقه ومُناسبة، وليس مُجرّد انتظار ما سينتج عن (معارك الصحون) العشوائية في مُناسبتنا ومطاعمنا؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،