هاني سالم مسهور
استبق الإيرانيون استلام دونالد ترامب مقاليد السلطة في الولايات المتحدة برغبتهم في التعاون مع السعودية لإيجاد حلول لأزمات سوريا واليمن. جواد ظريف وزير خارجية إيران في منتدى دافوس تحدث بوضوح عما تخشاه إيران مع التغيير في الولايات المتحدة؛ وعلى ذلك يحاول مد الجسور إلى الرياض. والرياض تمتلك إجابة واضحة، هي أن تتوقف إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية العربية. فهل يمكن لإيران أن تقوم بما يجب عليها أن تفعل أم لا يمكنها ذلك؟؟
تحدث جواد ظريف في دافوس عن أن التعاون السعودي الإيراني أثمر في لبنان وصول عون إلى الرئاسة. ولا يمكن التعليق على هذا التعاون؛ فلم يصدر عن الخارجية السعودية ما يقول بهذا، كما أن حديث ظريف حول التوافق السعودي - الإيراني في اجتماع أوبك هو - للأسف - غير صحيح؛ فلقد كان التفاهم السعودي مع روسيا حول خفض الإنتاج على أن تضمن موسكو التزام الإيرانيين بالاتفاق النفطي.
الإيرانيون أمام استحقاق انتخابي في (مايو 2017م)، وأمامهم دونالد ترامب الذي يرى في الاتفاق النووي ضرورة تمزيقه. وفي كل الأحوال، فإن ضغطًا هائلاً سيتشكل على إيران؛ لذلك لم يكن من المستغرب أن تحاول الدبلوماسية الإيرانية التعاطي مع هذا الضغط من خلال بث تصريحات إيجابية؛ لعلها تخفف من هذه الضغوط؛ فالإيرانيون يدركون أن السعودية ترغب في إحلال السلام، وتمكين الاستقرار في سوريا واليمن. ولكن في المقابل إن الخطوة السعودية لن تكون في تحريك أحجارها على رقعة الشطرنج؛ وهذا ما يقودنا إلى أن نعيد تذكير الإيرانيين بما عليهم أن يفعلوه بعد التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية كلها.
بالفعل، هناك ثمة شعور بعدم الثقة مع الإيرانيين؛ فالتجربة العربية عمومًا لا تشجع العرب على انتهاج أسلوب آخر مع الإيرانيين الذين يواصلون إشعال الحروب في العالم العربي منذ الثورة الإسلامية في 1979م، بل إن إصرارهم على تحويل موسم الحج إلى مناسبة سياسية عبر شعاراتهم المذهبية يؤكد أن الإيرانيين لن يترددوا في استعادة محاولاتهم تأجيج الصراعات في العالم العربي عندما تتاح لهم الفرصة السانحة.
تغيير السلوك الإيراني تجاه الآخرين هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يتم من خلاله اختبار النوايا الإيرانية. تعرف إيران أن عليها أن توقف إمداد مليشيات الحوثي في اليمن بالسلاح، وأن عليها إزاحة الغطاء السياسي عن الانقلاب لمعالجة الأزمة اليمنية، كما أنها تدرك أن عليها سحب مليشياتها في سوريا، وتوقف دعم نظام الأسد لإعطاء فرصة لمعالجة الأزمة السورية دون تدخل طرف من خارج سوريا، وكذلك البحرين ودعم الجماعات الخارجة عن السلطة والقانون، كذلك تعطيل عمل حكومة الحريري في لبنان.
كل هذه الملفات ستخضع بالضرورة للرقابة إن كانت إيران بالفعل راغبة في تخفيف التوتر؛ فتغيير السلوك هو شرط لمعالجة الأزمات في منطقة احتقنت بسبب التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية.