عبده الأسمري
على الاقتداء تربت ووسط ثنايا الاحتذاء عاشت، اختارت طريق الدعوة فوضعت الحكمة أساساً والموعظة الحسنة نبراساً.. أحبت العلم الشرعي فنالت الأستاذية طلبت العلا الديني فمنحها «الغاية العلمية والفضيلة الإنسانية».
إنها الأستاذة الدكتورة نوال العيد الداعية السعودية والأكاديمية والمؤلفة والباحثة والمدربة والمستشارة صاحبة السيرة المعطرة بالعطاء الشرعي والمسطرة بالسخاء الأبداعي.. أنموذج وطني فاخر للمرأة السعودية تسبقها الأمنيات وتخلفها الدعوات في كل محافل العمل والمشاركة.
في شقراء وفي تقلبات فصولها الأربعة.. كانت «العيد» طفلة تعشق أصوات الأذان في جامع قريتها الصغير وارتبطت مبكراً بآيات القرآن والأحاديث ودروس الفقه في مناهج الدراسة التي كانت تخضعها للقراءة والبحث والتقصي لإشباع غرور معرفي وسرور نفسي نما في ذاكرتها وتنامى مع تربيتها الدينية والمعرفية من أبوين كانا يلمسان فيها تفاصيل المستقبل باكراً فاشبعاه أدباً وحرصاً.
كانت العيد تسير في مسار مختلف عن قريناتها وكانت تسجل أمنياتها في كشكولها الممتلئ بإنجازات الأمس وملاحظات اليوم وطموحات الغد.. كانت تستيقظ لتنظر إلى السماء رابطة «الطموح العميق» بـ»صروح العطاء» محددة طريقها ماضية إلى ربها بسلاح المعرفة وكفاح الدعوة وانشراح الأجابة.
في الثانوية كتبت العيد أمنياتها بقلم أخضر وكانت «تقرأ ملامح مستقبلها « في «خلوات التهجد « و»سلوات قيام الليل « على سجادتها بدعاء يحتضر الآمال فيختصر المشهد في استخارة أمر واستنارة طريق.
انتقلت للرياض فالتحقت بكلية التربية للبنات في الرياض فنالت مرتبة الشرف الأولى وتعينت معيدة في الكلية ذاتها بعد أن ابهرت طاقم التدريس والإدارة بالعلم الشرعي فكراً ونتيجة وبحثاً.
ولأنها مسكونة بحب الأحاديث النبوية تخصصت فيه ونالت الماجسيتر في الحديث وعلومة من الكلية بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى وأوصي بطباعة رسالتها ورقيت إلى محاضرة بالكلية.
ارتبطت العيد بمراتب الشرف فاستشرفت طريقها بعناية واهتمام، حيث نالت الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف وأوصي بطباعة رسالتها عن الأحكام الكبرى لابن كثير.. وسارت في درب يتطابق مع طموحها ويتسابق مع نجاحها حيث نالت درجة أستاذ مشارك ثم بعد أربع سنوات لتنال الأستاذية بجامعة نورة التي تشكل فيها العيد ركن تميز وقصة امتياز ومسار اعتزاز.
في الوطن ما أن تذكر الدعوة النسائية ومحافل الدروس الدينية ومناسبات القيم حتى يحضر اسم العيد كغيمة تمطر نصحاً وتسطر إنتاجاً حضرت فأبدعت فخلدت نتاجها في عدة مؤلفات ومشاركات.
للعيد عشرات العضويات المتنوعة في مجالات عنوانها الخير وتفاصيلها العلم.. ولها نتاج علمي منفرد تمثل في فوزها بجائزة الأمير نايف العلمية في السنة النبوية.
وللداعية العيد تسعة مؤلفات مطبوعة مثل حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية وكيف تقوي إيمانك وبرنامج فعلي في التوبة إلى الله وقضايا التوحيد في الحج وكيف تنصر نبيك -صلى الله عليه وسلم- وموقف المسلم من الفتن في ضوء حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- وضوابط التكفير في ضوء السنة النبوية وأحكام التيسير على النساء في الحج ومؤلفين تحت الطباعة. وتشرف العيد على مشروعي موسوعة أسماء الله الحسنى وقصص الأنبياء ونشرت لها تسعة بحوث.
العيد مدربة ومحاضرة محترفة سبرت أغوار البحث في مجالات العلم الشرعي وربطت نتاجها العلمي بمهاراتها الفكرية ورؤيتها واطلاعها وحبها للعمل الخيري حيث قدمت وحاضرت في أكثر من 25 دورة تدريبية وورشة عمل في مجال السنة النبوية والأحاديث الشريفة والاستشارات والحوار الهادف والقيم والمعاني التربوية والأمن الفكري والاستقرار الأسري والإثراء المعرفي والمواهب والتفكير والعمل التطوعي ومهارات التفكير وعن قضايا المرأة من منظور شرعي وغيرها.
وحضرت عشرات الدورات وقدمت العديد من المحاضرات والندوات الدينية والتربوية والاستشارية في جميع مناطق المملكة والعديد من دول العالم الإسلامي.
نوال العيد.. خير سفيرة للعلم الشرعي والإثراء المعرفي مثلت أنموذجاً للمهنية الدعوية يحق للسعوديات الافتخار بها والانبهار بسيرتها التي كانت رحلة فاخرة وفخمة جمعت العلم والعمل ورسمت الاجتهاد والسداد.