د. محمد عبدالعزيز الصالح
قبل حوالي ثلاثة عشر عاماً وافق معالي وزير الصحة في ذلك الوقت الدكتور حمد المانع على تشكيل لجنة تنسيقية في وزارة الصحة تتولى وضع معايير وأسس موحدة لجميع احتياجات القطاعات الصحية بالمملكة من الأدوية والأجهزة الطبية, ويأتي تشكيل هذه اللجنة انطلاقاً من إيمان معاليه بأن تأمين احتياجات جميع القطاعات الصحية من خلال العقد الموحد سينعكس ايجاباً من خلال شراء تلك الاحتياجات بأقل الأسعار, إضافة إلى توفير التدريب والصيانة اللازمة بأسعار منافسة.
إضافة إلى ذلك, سبق لمجلس الوزراء الموقر أن وافق لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية بأن تبرم اتفاقية مع شركة مايكروسوفت بهدف تلبية حاجة الدوائر الحكومية من برامج التشغيل لتقنية المعلومات التي تنتهجها مايكروسوفت, وقد ترتب على هذا الاتفاق حصول أجهزة الدولة على كافة احتياجاتها من تلك البرامج بنسب تخفيض تصل إلى أكثر من 50%.
وبالنظر إلى مختلف الأجهزة الحكومية اليوم, نجد أنها جميعهاً تشترك في حاجتها إلى تأمين العديد من السلع الأساسية كالأثاث والورق والمستلزمات المكتبية والسيارات والبنزين والأنظمة الحاسوبية وغيرها من الاحتياجات الأخرى. وإذا كان أحد أهم الأسس التي تقوم عليها رؤية المملكة 2030 هو الحد من الهدر المالي وترشيد الإنفاق الحكومي, فإن السؤال المطروح هنا يتمثل في مدى إمكانية توفير تلك الاحتياجات الأساسية لجميع الأجهزة الحكومية من خلال عقود الشراء الموحد.
واقترح في هذا الخصوص أن يتولى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مناقشة موضوع العقد الموحد والتوصل من خلاله إلى تأمين جميع احتياجات أجهزة الدولة بأقل تكلفة.
اقترح أن يقوم مجلس الشؤون الاقتصادية بتشكيل لجنة دائمة (أو فريق عمل دائم) يرتبط مباشرة بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ورئيس المجلس, وعلى أن يكون هناك تمثيل في تلك اللجنة لعدد من الأجهزة الحكومية ذات العلاقة, وبحيث تقوم اللجنة بالتنسيق مع جميع الأجهزة الحكومية للوقوف على احتياجاتها من جميع السلع, ومن ثم تتولى اللجنة نيابة عن الأجهزة الحكومية بالقيام بكافة الجوانب التفاوضية في مواجهة شركات القطاع الخاص الوطنية والأجنبية والعمل على شراء جميع احتياجات الأجهزة الحكومية بأقل تكلفة ممكنة نظراً لأن اللجنة ستكون في وضع تفاوضي أقوى, كما سيتم التمكن من حصول أجهزة الدولة على أفضل خدمات لما بعد البيع كالصيانة والتدريب اللازم وخلافه.
إن تطبيق مبدأ العقود الموحدة في تأمين تلك الاحتياجات سيوفر الكثير على الخزانة العامة للدولة, ولو تمعنا النظر في الآليه المتبعة حالياً من قبل أجهزة الدولة المختلفة من الوزارات والمؤسسات العامة والشركات الحكومية في تأمين تلك الاحتياجات لأدركنا أنها تستند إلى اجتهادات غير مناسبة في تعاملها مع شركات القطاع الخاص ناهيك عن محدودية القدرة التفاوضية لدى بعض الأجهزة الحكومية, وهذا بدوره يتسبب في تكبد تلك الأجهزة خسائر طائلة قد تتجاوز مئات الملايين من الريالات, وبالتالي فإن تأمين الاحتياجات المختلفة للأجهزة الحكومية من خلال العقد الموحد سيؤدي إلى معاملة تلك الأجهزة مجتمعة على أنها من كبار العملاء بالنسبة للشركة المصنعة أو المسوقة مما يخول تلك الأجهزة لحسميات كبيرة.