عبدالحفيظ الشمري
«البحث العلمي» سمة النجاح، ومعيار التَّميز في كل المجتمعات، وهو الهدف الذي تسعى إليه منظومات العمل بشقيه؛ النظري والعلمي. فلولا جهود هؤلاء الباحثين في العصر الحديث لما حققت الإنسانية هذه القفزات النوعية في مجالات كثيرة؛ كالطب، والغذاء، والتعليم؛ حيث تعد هذه الركائز الثلاث منطلقات وأولويات خاض من أجلها العلماء والباحثون والدارسون الكثير من التجارب؛ وكمثال واضح لا ننسى مسيرة الطب والتحول نوعي في مفهوم العلاجات للكثير من الأوبئة، والأمراض المستعصية والوراثية.
ولم يتوقف البحث العلمي عند حدود التنظير والكتابة والتسجيل في الحقل العلاجي إنما تجاوزها إلى عمليات التطبيق والممارسة؛ على نحو تشخيص الكثير من الحالات الصحية الدقيقة، والكشف عن عناصر مذهلة في جوانب العلاج؛ وهي الخطوة الأهم في هذه الحقول والتخصصات العلمية.
وقد بلغت هذه الجهود مبلغًا متطورًا وإيجابيًا حينما تعمقت في تفاصيل وجزئيات دقيقة تتعلق بشأن الصحة والغذاء، لتصبح احتمالية العالم أكثر إيجابية بعد أن سيطرت عليه وعلى مدى قرون الكثير من السلبيات، والتشاؤم، وفقدان الأمل في وجود علاجات وأمصال للكثير من الأوبئة؛ فكان للبحث العلمي دور فاعل ومميز في بناء هذه الوقائع المذهلة للقضاء على الكثير من الأمراض.
كما جاءت الدراسات الميدانية باعتبارها خطوة حيوية لاحقة؛ من أجل تطبيق متطلبات هذه البحوث العلمية، لتسهم في تحديد أولويات هذه الأمراض، والأوبئة، والمشكلات الطبية في المناطق والبلاد التي تستوطن فيها مثل هذه الأمراض؛ فكانت الدراسات الميدانية تسند البحث العلمي؛ وتحقق أولى مكتسباته المعنوية والإنسانية حينما يتحول من فكرة، ونقاش، وتدارس، وكتابة؛ إلى أمر تشخيصي ملموس يساعد على إيجاد الحلول الطبية المناسبة.
وكما يعد البحث العلمي بارعًا ومتميزًا في مجال الصحة والعلاج فإنه قد حقق أهدافه أيضًا في مجالات الزراعة، والغذاء، بل تطور الأمر إلى الأدوات التي يستخدمها الإِنسان، لتساعده على العيش والحياة، فكانت البحوث العلمية في مجال التقنيات، والآلات، والأدوات، وتقوية المحاصيل مذهلاً جدًا؛ أسهم في تعزيز الازدهار في صناعة الغذاء وتحلية المياه وتنقيتها في أماكن كثيرة.
وكذلك في مجال التعليم حينما استطاعت هذه الأبحاث والدراسات العلمية استقصاء كل ما من شانه تطبيق معايير التعليم السليم، وجلب الاهتمام نحو علوم إنسانية، وأخرى علمية؛ لتحقق للذات أهم متطلباتها، وليصبح المجال العلمي حالة متميزة في سلوك الإنسان المعاصر الذي بات يواكب مراحل التنمية وخططها.
ومع أن البحث العلمي، والدراسات الميدانية حالة مهمة في بناء الإنسان وخدمته، وتسهيل حياته، إلا أنه يتطلب وجود بحوث علمية تدعم الشق الإنساني في هذه المعادلة، من أجل بناء هاجس تثقيفي مهم للمجتمعات، ليزدهر البناء، وتنشط خطابات التواصل الإيجابية، ويمتد الكفاح من أجل قيم إنسانية متميزة، وهذا مطلب مهم وحيوي للكثير من العلماء والباحثين.