د. عبدالواحد الحميد
في مدينة طريف شمال المملكة تجربة رائعة! فقد أقامت شركة أرامكو السعودية مشروعاً ريادياً لافتاً لتوليد الطاقة من الرياح دشنته في الأسبوع الماضي. ويقول المدير التنفيذي لأنظمة الطاقة في أرامكو، إنّ هذا التشغيل لأول توربين لتوليد الطاقة من الرياح، سيفي باحتياجات الطاقة لمحطة توزيع المنتجات البترولية من الكهرباء، وسوف يتم الاستفادة من الفائض في تغذية شبكة الكهرباء الرئيسية.
هذه هي الطاقة المتجددة التي حبا الله بها بلادنا والتي لم تكن مستغلة بسبب وجود النفط الذي نستهلك منه نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً، وفق بعض الإحصائيات، ما يشكل هدراً هائلاً يستنزف القدرة التصديرية للمملكة من النفط.
فالطاقة المتجددة التي تشمل، ضمن أشياء أخرى، الطاقة الشمسية والرياح متوفرة في المملكة، ويمكن ان تكون مصدراً مهماً للدخل. ومن المفرح أنّ هناك توجهاً لاستغلال هذه الطاقة، فقد صرح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح مؤخراً في مقابلة تلفزيونية، إنّ المملكة تتجه لإنتاج 3.45 جيجاوات من الطاقة النظيفة في عام 2020 .
ولكي نتخيل أهمية الخطوة التي تمت في مدينة طريف، علينا أن نعرف أنّ المشروع رغم حجمه المتواضع نسبياً بالمقارنة مع الإمكانيات المتاحة، سوف يولد طاقة كهربائية قدرها 2.75 ميجاوات تكفي لتزويد مائتين وخمسين منزلاً بالكهرباء، ما يوفر استهلاك تسعة عشر ألف برميل من النفط سنوياً! وهذه بداية مشجعة جداً، ولنا أن نتصور ما يمكن أن نحققه على مستوى المملكة لو تم استغلال إمكانياتنا الكبيرة من الطاقة المتجددة بشكل أفضل.
لقد استطاعت هولندا، على سبيل المثال، أن توظف طاقة الرياح لتوفير استهلاك النفط، وتمكنت مؤخراً من تسيير شبكات السكك الحديدية الهولندية بنسبة مائة بالمائة من طاقة الرياح، فوفرت 1.2 مليار كيلو واط من الطاقة سنوياً.
الخطوة التي تمت في طريف رائعة، ونتوقع المزيد من الخطوات المماثلة في الفترة القريبة. فثراؤنا النفطي لا يعني أن علينا تبديده، وإنما يجب تصنيعه وتعزيز صادراتنا وصناعتنا، طالما أن لدينا مصادر متجددة ونظيفة للطاقة.