د. محمد عبدالله العوين
يمكن القول إنّ الساسة الإيرانيين يتغابون أو يلعبون لعبة الاستغباء والتذاكي الأبله الساذج!
فهذا وزير الخارجية محمد جواد ظريف يدعو السعودية - في حديثه للمنتدى الاقتصادي في دافوس يوم الأربعاء الماضي -، إلى العمل معاً للمساعدة على إنهاء الصراع في سوريا واليمن، ويدعي أنّ ثمة تعاوناً سعودياً إيرانياً أدى لانتخاب ميشيل عون، ثم يتساءل ببلاهة قائلاً: «لا أرى سبباً في أن تكون هناك سياسات عدائية بين إيران والسعودية، حقيقة يمكننا العمل معاً لإنهاء الأوضاع المأساوية لشعوب سوريا واليمن والبحرين وغيرها من دول المنطقة».
وكأن ظريف يريد أن يصل بهذه الظرافة المصطنعة، إلى إضفاء مصداقية على جهود إيران المزعومة لتهدئة حالة التوتر في المنطقة، بسبب الخلاف بينها وبين السعودية؛ فيؤكد على ما أدلى به الرئيس الإيراني حسن روحاني في المنتدى نفسه، بأنّ عشر دول أبدت رغبتها للتوسط من أجل إنهاء الخلاف المتصاعد « وأن طهران ستستعيد علاقاتها مع الرياض إذا غيّرت السعودية سياساتها في المنطقة، واضعاً شروطاً للتصالح، بينها وقف تدخلها العسكري في اليمن»!
أرأيتم كم هو الرئيس ووزير خارجيته يتلاعبان بالحقائق ويدعيان ما ليس لهما حق فيه، ويكذبان ثم يريدان من العالم أن يصدقهما؟!
كيف تملك روحاني وظريف الجرأة على ادعاء حق إيران في التدخل في شؤون الأمة العربية، وكأن هذا التدخل التدميري في العراق وسوريا واليمن والبحرين وغيرها حق طبيعي لا غبار عليه؟!
كيف بلغت الوقاحة بهما بدعوة العرب إلى أن يخضعوا للـ»الفارسي الأعجمي» الغريب في لغته ولسانه وإرثه التاريخي، ليدوس أرض العروبة ويحيلها خراباً ودماراً وشتاتاً وفرقة وتمزقاً، ويقلب عاليها سافلها، ويغير معتقداتها ولسانها، ويمحو معالمها التاريخية، ويصفي علماءها والنخبة البارزة فيها، ويهجر ملايين من سكانها ويفرقهم شذر مذر في منافي العالم، ويشعل النيران في المدن والقرى العربية، تحت الغطاء الطائفي المدعى المكذوب بنصرة آل البيت - رضوان الله عليهم -، وما ذلك إلا لخداع السذج والأغبياء والعوام والغوغاء، ممن لا يدرك ما وراء الشعارات الطائفية المكذوبة؛ وهي الهيمنة على المنطقة العربية كلها واستعادة الإمبراطورية الساسانية، التي انهارت على أيدي العرب، بعد معركة القادسية الخالدة عام 14هـ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه؛ كيف يمكن أن يدعيا أن لهما الحق في الهيمنة على العرب، ثم لا يريدان أن يسمعا من عربي احتجاجاً أو رفضاً أو إنكاراً لمزاعم حق إيران في زحف جيوشها ومواليها وأحزابها ومليشياتها إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن ؟!
هل يحق لإيران أن تحتل العراق وسوريا وتطمح إلى بسط نفوذها على اليمن، ولا يحق للسعودية وهي قلب العرب النابض ومهبط الوحي وحامية الحرمين الشريفين وخازنة تراث العرب والمسلمين، التدخل في حماية حدودها الجنوبية من جهالة وغباء الطائفة الحوثية المخدوعة المضللة؟ هل سترضى السعودية بأن تكون اليمن وهي جزء أصيل وعميق في تاريخ الأمة العربية وجغرافيتها موطئاً لقدم فارسية؟! أو أن لا تتدخل السعودية في نصرة المظلوم ومد يد العون إلى المحتاج والبائس؟!
كيف يمكن أن يملك الفارسي الأعجمي الحق في التدخل في الأوطان العربية حسب ادعاء ظريف غير الظريف، بينما لا يملك السعودي العربي الأصيل حق الدفاع عن عروبته وتاريخه ودينه ووطنه؟!
إذا كانت الرغبة صادقة وحقيقية لدى طهران في إقامة علاقات جوار وتعاون وسلام مع السعودية، فلتبدأ بسحب مليشياتها وأحزابها ومقاتليها من العراق وسوريا واليمن ولبنان، ولتكف عن إثارة الفوضى والاضطرابات في البحرين، ولتبتعد عن التغرير بأتباعها الطائفيين المخدوعين في القطيف.
لن تنعم إيران بالسلام والمنطقة في حالة فوضى، وهي السبب الرئيس في هذه الفوضى، وفي نهاية الأمر ومهما بلغت الحماقة والطموح السخيف بعمائم قم ؛ فإنّ إيران لن تمتد شبراً واحداً خارج جغرافيتها ؛ بل إنّ المؤشرات تؤكد أنها هي من ستخسر انتفاخ الكبرياء الإمبراطوري الموهوم، وستتفكك إلى أقاليم وشعوب في وقت قريب، إن لم ترعو وتعود إلى منطق العقل وحسن الحوار.