أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: منذ يومين أو ثلاثة تلقيت الخبر عن وفاة الشاعر الفحل أحمد الناصر رحمه الله تعالى؛ وكنت أود لو بلغت قبل تكفينه؛ لأشهد الصلاة عليه في المسجد، وأشيعه إلى قبره.. وبحمد الله بلغ من العمر عتياً، وجاوز مئة عام لم يفقد وعيه، وعاش ممتعاً عزيزاً مكرماً عند أقاربه، وأهل بلده، وأصدقائه، وعند السروات، وعند كل من عرفه من قريب أو بعيد.
قال أبو عبدالرحمن: كانت صلتي بالفقيد رحمه الله تعالى قديمة متعددة الوجوه.. عايشته في الزلفي، ونلت إكرامه وتقديره في بيته، وعايشته في الرياض، وفي منزلي بحي سلطانة، ثم بمنزلي بالسويدي، وعايشته في عسير في منزل صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مع ثلة من أصحاب الحرفة، وكان مرافقي من الرياض إلى عسير أبو محمد عبدالله ابن معجل، واستمتعنا ليالي متوالية بسماع تسجيلات عدد من القصائد بتلحينه برغبة مني أبديتها لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل؛ لأستفيد منها في تسجيل الشعر العامي بألحان أهل نجد عروضاً منظوراً، ولحنا مسموعا؛ فسجلت أكثر الألحان بهاتين الصورتين في كتابي الذي طبع على نفقة سموه، وفي مقالات ثرية نشرت لي في الجرائد وبعض المجلات.
قال أبو عبدالرحمن: أحمد الناصر رحمه الله ذو موهبة فذة في القصيد، وفي شعر القلطة، مع بديهة سريعة في الرد لا يقال له (شابت)!.. وهو عفيف نقي العرض جداً لا يؤثر عنه ما يدنس اتقاأه الشبهات؛ وإنما كان هناك لمم أو فويق اللمم في حلبة الرد أو القلطة؛ وهذا شيء انتهجه عدد من العلماء من أهل الفصيح؛ وهو مما يكفره الاستغفار والنوافل وكفارة المجلس.. ومن شيمه الوفاء؛ فبعد وفاة معزبه محمد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تعالى لم يلتحق بخدمة أحد مع رغبة كثير من السروات في أن يرافقهم؛ وهذا يعني كرمه وعزة نفسه عن الإكثار من الكسب كيفما اتفق.. ومع عزائي كل ذريته أرجو منهم بكل حرارة أن يجتهدوا في إيجاد أكثر من صدقة جارية يسر بها في قبره: من عمارة مسجد، أو مساهمة في عمارته، أو مساهمة في فرشه، وتأمين حاجاته كالكهرباء والمكيفات، أو حفر بئر، والإكثار من البرادات في الشوارع، مع الصدقة في شهر رمضان المبارك وغيره.. والله جل جلاله أسأله أن يتغمده برحمته، وأن يرحمنا جميعاً إذا صرنا إلى ما صار إليه أصحاب القبور من إخواننا المسلمين، وإلى لقاء إن شاء الله تعالى, والله المستعان.