أ.د.عثمان بن صالح العامر
من السنن الحسنة، والمبادرات الرائعة، والخطوات الإيجابية التي تسجل لمن سنها وعمل بها حتى اليوم، أن تُسمي وزارة الشئون البلدية والقروية -ممثلة في الأمانات بالمناطق والبلديات في المحافظات- الشوارع الرئيسة والمهمة في المدن والمحافظات بأسماء الرجال الذين سطّروا لنا في التاريخ مجداً، وكانوا عنواناً للبذل والوفاء لهذا البلد المعطاء، ومَنْ أَحَقُّ بهذا في مملكتنا الغالية «المملكة العربية السعودية» مِنَ المؤسس الباني لهذا الكيان العزيز على قلوبنا جميعاً جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، ومَن عرف ولو نزراً يسيراً من سيرته - طيّب الله ثراه- جزم أنه أسطورة في التاريخ، خلّد للأجيال ملحمة التوحيد، بتوفيق من الله أولاً، ثم بذكاء ودهاء، وحكمة وحنكة، وشجاعة وبسالة، وإقدام وقوة، وعزم وحزم، قل ما تجده في الرجال، ولذا كان في عنق كل مواطن سعودي، بل في عنق كل مسلم حج واعتَمَر وقَصَد البيت الحرام متنعماً بالأمن والأمان، أقول إنّ في أعناقنا جميعاً لعبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود ديناً لزاماً علينا أن نوفيه، هذا بصفتنا الشخصية، فضلاً عن أن يكون أحدنا موظفاً في مؤسسة حكومية تحمل مسؤولية تقديم كل ما من شأنه خدمة وتنمية وتطوير كل شبر في هذا الوطن الذي يعود الفضل في تشييد أركانه ورفع شأنه بعد الله لهذا الرجل الأشمّ الذي يشرف أحد شوارع حائل الرئيسة والهامة التي تخترق وسط المدينة بحمل اسمه «شارع الملك عبدالعزيز».
لهذا الشارع -الذي هو اليوم في وضع يرثى له- قصة طويلة، بل حكاية ورواية بطلها، لجان وملفات، مخاطبات ومطالبات، تخطيط واستشارات، وعود ومواثيق، بل أرقام وميزانيات، بداية الفصول كانت عام 1427هـ، ومع أن الخط الأول، وحتى أكون دقيقاً «الكلمة الأولى» مضى عليها أكثر من عشر سنوات فإنّ الرواية لم تكتمل فصولها بعد، ولم يجف القلم، ويغلق الملف حتى تاريخه جراء البيروقراطية المقيتة في دهاليز دوائرنا الحكومية للأسف الشديد. والواقع الذي يراه الإنسان القاطن والزائر رأي العين، والشيء المتواتر والمتناقل في الأوساط المجتمعية الحائلية، والمؤشرات والدلائل الرقمية والتخطيطية و... قد لا تدل على انفراج قريب إلا إذا كانت هناك التفات فاعلة من قبل متخذي القرار وصناعه، مع أن التفاؤل كان كبيرًا والوعود صادقة، والعزائم جادة، ولكن هي البيروقراطية باختصار!!.
اختصاراً للجهد، وحتى يبقى للاسم ما نحمله من هيبة وإجلال وتقدير واحترام هو حق وواجب في آن، أقترح على لجنة تسمية الشوارع أن تتابع الأمر مع صناع القرار ومتخذي الخطوات التنفيذية الفعلية على أرض الواقع، فإن كان هناك شيء قريب ومضمون، ويحقق ما يليق بمقام المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز، الاسم الذي يجب أن نفخر به ونفاخر، فيبقى اسم الطريق كما هو ويكون منا الانتظار، وإلا فإنني أعتقد أن من المناسب البحث عن شارع أو طريق آخر يستحق أن يشرف بهذا الاسم الذي تُسابقنا عليه وتنافسنا في الظفر به دولٌ خليجية وعربية، بل إسلامية ودولية، ولعل القارئ الكريم سار في طريق الملك عبدالعزيز الدائري في الكويت كمثال حي وقريب، فعرف كيف أن الأسماء التي صنعت التاريخ تعني الكثير عند الشعوب.