رقية سليمان الهويريني
أتفهم المقاومات الشعبية الناعمة أو الخشنة التي يمارسها بعض الأشخاص وفئة من الناشطين ضد هيئة الترفيه، والعمد لتشويهها وأنها جالبة لفساد الأخلاق ودمار القيم وجاذبة للانحلال ومسببة لارتكاب الفواحش! وماذا تتوقع من مجتمع عاش في أجواء الزجر والنهر والتخويف من صب الرصاص في الأذن والوعيد بلسعات النار المحرقة بسبب استماع أغنية عابرة أو إبداء عفوي لظاهر يد المرأة؟!
لا ألوم قط هذا الجيل الناشئ في أتون التشدد ودهاليز الظلامية من رفض أشكال الترفيه العادية كمشاهدة مسرحية كوميدية أو حضور فيلم سينمائي في صالة معتمة من الضوء، مضيئة بالفكر والوعي والانفتاح المنضبط.
إن هطول غيمة الفرح على الوطن ستنبت فكراً منفتحاً نحو الآخر متحرراً من قيود التبعية بدلاً من حالة الانغلاق التي عاشها المجتمع لما يزيد عن خمسة وثلاثين عاماً تولد منه جيلٌ يتصف بعض أفراده بكره الفرح وكأنه مضاد للدين أو معارض له، وحصروا الترفيه بالتنزه البري أو تكوم الرجال والشباب في الاستراحات الإسمنتية، وانتشار السيدات في الحدائق العامة يحملن حقائب تحوي حاويات القهوة والشاي والمكسرات وإطلاق الأطفال لممارسة اللعب في الفضاء غير الآمن! بينما تختار الشابات الاتجاه للمطاعم لطرد الملل وتناول الوجبات المسببة للسمنة المفرطة.
إن الترفيه المطلوب ينبغي أن يتجاوز المهرجانات الشعبية المتضمنة ملاعب الصابون السخيفة ولعبة شد الحبل التافهة وحركات التطعيس الخطيرة إلى ممارسة هواية تسلق الجبال والطيران الشراعي وإنشاء منتجعات مائية وصالات تعليم السباحة والرماية وركوب الخيل للجنسين ومهرجانات تسوق موسمية، إضافة إلى التشجيع على قرض الشعر وتذوقه وتجهيز صالات للرسم والنحت وعرض الأفلام السينمائية والمسرحيات الهادفة.
وينبغي على المقاومين لإنشاء هيئة الترفيه عدم تجاهل عملها وما تعتزم تنفيذه، وأهميته للمواطنين اجتماعياً واقتصادياً وصحياً ونفسياً، وعدم إغفال حاجة أبناء المملكة الفعلية للترفيه في بلدهم بدلاً من السفر للخارج وإنفاق مليارات الريالات - بحسب الإحصاءات مؤخراً - وما يترتب عليها من سلوكيات غير محمودة.
وفي النهاية؛ فإن حضور الفعاليات المختلفة وممارسة الهوايات المتعددة هو اختيار شخصي وقناعة ذاتية طالما هو تحت إشراف الحكومة ورقابتها ومتابعتها وتطويرها، ومتوافقاً مع رؤية 2030 .