سامى اليوسف
الكيل بمكيالين عنوان للانتقائية في المواقف، وهي تجسد مبدأ «ازدواجية المعايير»، واذا تعامل معها المسؤول أياً كان منصبه فإنه يفقد عدالته، وإذا سار الإعلامي على هذا النهج فإنه يفقد مهنيته، وفي كلتا الحالتين تصبح المصداقية في خبر كان.
الهزيمة، والإمعان في جلد الذات يولد العقد والأمراض النفسية التي تقود أحياناً الى تحول في الشخصية نحو العدائية لكل من هو ناجح، وهنا يستغل ضعاف النفوس ضعاف العقول أو من يعانون العقد النفسية لبيع الوهم عليهم ، وذلك من خلال تطبيق انتهازي لمفهوم «المعايير المزدوجة»، والعاقل ينظر إلى هذا المشهد، وكأنه يرى ذئباً يقود قطيع من الخراف إلى حتفهم.
تسقط أقنعتهم المزيفة في مواقف عدة، يزداد قلقهم وفقرهم المهني، ونزداد رزانةً وهدوءً ونحن نرى ذلك القطيع ينقاد وسياط الكراهية والحقد تلهب نفوسهم المريضة، وهم يقدمون مشهدًا من مشاهد ازدواجية معاييرهم الكوميدية، بالأمس القريب، انهالوا على الزميل المذيع وليد الفراج بأقذع الشتائم والأوصاف وهم يذرفون دموع التماسيح على رموز الكرة الكويتية مدافعين عن الشيخ أحمد الفهد وشقيقه طلال ليس حباً فيهما، أو حرصاً على الكرة الكويتية، بل كرهاً بالفراج الذي يرفض تحويل برنامجه، «الأكثر متابعة»، الى منبر يمرر فيه أكاذيب «الصحافة الصفراء»، كغيره من البرامج المخترقة الفاقدة للمهنية.
اليوم، وبدلاً أن يتخذوا ذات الموقف من المذيع، وهو يمرر الإساءة لرمز من رموز الرياضة السعودية، نتفاجأ بتخوينهم للمسؤول، واتهامه بأبشع الاتهامات، مع التطبيل للمذيع وبرنامجه لأنه يوافقهم في الميول، ويمرر ما يرضيهم ، وعلى الرغم من أن توضيح الدكتور جاسم ياقوت وضع الأمور في نصابها الصحيح باستدراك عاقل قطع الطريق على انتهازيتهم وتضليلهم إلا أنهم أمعنوا بالإساءة للأمير سلطان بن فهد، وهو رجل الدولة الذي أدى الأمانة بمسؤولية، وشفافية، وينبغي معها أن نتذكره بالشكر والعرفان لإنجازاته بعيدًا عن لعبة تصفية الحسابات القذرة.
وفي مثال آخر على معاييرهم المزدوجة، يخرج المتحدث الرسمي للنادي الأهلي إذاعياً يتودد للشبابيين وهو يقول: «باعتقادي أن إدارة الشباب واعية، ولن تتقدم بشكوى ضد رئيس النادي الأهلي كما يروج بعض الإعلاميين»، وذلك على خلفية ظهور رئيس ناديه فضائياً معترفاً بمفاوضة حارس الشباب العويس خلال فترة ارتباطه مع المنتخب .. ويسقط المتحدث الأهلاوي في فخ الازدواجية حينما يقول في ذات الحوار الإذاعي: «إذا كان هناك مفاوضات مع أي لاعب أهلاوي داخل معسكر المنتخب السعودي فسنتخذ الإجراءات الرسمية حيال ذلك»، ولا نجد في «البرامج الصفراء» من ينتقده، ويطالب بمعاقبته .. أي تناقض هذا ؟!.
وبين المثالين السابقين، مثال جديد يخرج فيه صحافيون بينهم من يحمل صفة «رئيس تحرير» عبر تغريدات في مدونة «تويتر»، ثم «مانشيت» عريض في أعلى الصفحة الأولى للصحيفة التي يرأس تحريرها يتساءل ، ويطعن في أمانة ونزاهة مسؤولي اتحاد الكرة الجديد بسبب تأجيل مباراة الهلال والفيصلي في كأس الأمير فيصل لكرة القدم، ويسكت هذا الإعلامي، وجوقته عن علم، أو جهل عن تأجيل مباراة أخرى تجمع الاتحاد والجيل!.
هل نتحدث عن قضية الجبرين الذي تم تغييبه بشهادة مسؤول رائدي، أو التعاطي المتناقض مع تغريدات التعصب والعنصرية للرئيس المرشح لرئاسة اتحاد القدم، وبعده رئيس اتحاد الطائرة وبين تعاملهم مع تغريدات رئيس وأعضاء لجنة التوثيق؟!.
سجلات تناقضاتهم المضحكة، والتي صنعتها معاييرهم المزدوجة ممتلئة بما يعري نواياهم، ويفضح فكرهم الذي يغذيه تعصبهم، وعنصريتهم على امتداد التاريخ، لم يتغيروا، أو يتبدلوا، فالقاعدة تقول: «حاضرهم مثل ماضيهم».
يقول «فرانك توريس» الناشر الإلكتروني الأمريكي: «مشكلة الإعلام بشكل عام هي عدم الالتزام بالميثاق الصحفي الذي تراجع للمقاعد الخلفية بسبب الاهتمام بالسبق والإثارة، فقد نشاهد ساعتين بثاً لمعلومة خاطئة، ثم ربما اعتذارًا لـ5 دقائق، لكن بعدها يعودون لنفس السلوك المضلل».
وما ينشر في الفضاء، والصحافة حالياً يعج بـ«خطاب التحريض المعادي للنزاهة والمهنية» في محتواه بسبب سطوة المشجعين، والدخلاء الذين انتسبوا إلى الإعلام إما بـ«البراشوت»، أو بحسب العلاقات الشخصية، ولن ينصلح الحال إلا بتدخل حاسم للجهات الرقابية، والمرجعيات لتصحيح المسار لتجفيف منابع التعصب، والخطاب التحريضي الذي يصدره من يمسك بمفاصل إعلامنا الرياضي، ويكرسه برسائل يومية في مدرج الكرة والرياضة السعودية.
أخيـرًا ،،،
عندما يكثر شهود العصر على مسرح قضية ما، فإنه من الصعوبة بمكان تزوير ، أو تغيير فصولها عند إعادة عرضها.
-#حقيقة -