فهد بن جليد
انقلبت حياة العائلة رأساً على عقب، والسبب هو اعتقاد جميع أفراد الأسرة بأن خادمتهم (نضول) و(عينها حارة)، بناءً على آراء تؤكد أنها تسببت في خراب بعض الأجهزة الكهربائية, وكسر بعض المواعين وأدوات المطبخ، بل إن (الأم) تعاني من بعض الآلام بمجرد أن مدحتها (العاملة المنزلية).. أهلاً بكم في أحدث أنواع وقصص (فوبيا العين)!
الأب لا يُدخل الأغراض الخاصة والهدايا التي أحضرها إلى المنزل حتى يتأكد الجميع أن الخادمة نائمة بالفعل، الأم وبناتها (يتزين خفية) بعيداً عن أنظار الخادمة عند الاستعداد للذهاب إلى المناسبات والأعراس، حتى لا تنضلهم أو تصيبهم بالعين، ولك أن تتخيل بقية المشهد اليومي لوجود شخص داخل منزلك تعتقد أن (عينه حارة)... أخيراً سافرت (العاملة المنزلية) ولكن الحال بقي على ما هو عليه داخل المنزل، وانتقلت العائلة إلى مرحلة جديدة تتهم فيها الخادمة أيضاً بأنها ربما عملت لهم (عملاً ما) وأن استمرار المصائب قد يكون مُرتبطاً بها!
يبدو أن بيننا من لا يستطيع أن يعيش دون (شماعة) يعلق عليها أخطاءه، أو (بعبع) يتخوف منه دائماً، أو (عدو خفي) نصنعه بأنفسنا ولا وجود له في الحقيقة، حتى نتظاهر بالمثالية، وأننا محط أنظار الآخرين وعرضة للأذى منهم. وبالمناسبة أحد المُبتعثين يقول إن هذا الانطباع الغريب والغامض بالخوف من الإصابة بالعين الحارة موجود حتى في الغربة، سواء بالخوف من المُبتعثين الآخرين، أو من الخواجات أنفسهم، من يدري ربما صكَّوا (عيالنا وبناتنا) بعين - لا سمح الله.. !
العين حق، وفي الحديث (أكثر ما يُهلك أمتي الأنفس) أو بما معناه، لذا نحن لا نُكذب (وقوع العين) وأنها قد تقع - حتى دون قصد - وديننا الحنيف دلنا على الأحاديث والأوراد والأذكار التي تحمي الإنسان من مثل هذه المخاطر، مع وجوب التوكل على الله من قبل ومن بعد، والإيمان بقضائه وقدره.
الخوف الذي ينتشر ويتجدد كل يوم في مجتمعنا من العين، وتوزيع التهم على الناس من حولنا حتى وصل الأمر إلى (الخادمة) يجب أن يتوقف، خصوصاً مع كثرة وسائل التواصل الاجتماعي، وخروج أسرار البيوت من الداخل.. حتى لا نجد شرطاً جديداً يدرج ضمن شروط الاستقدام عند توقيع عقود العمل (التأكد أنها ليست نضول، وعينها مهيب حارة)، بدلاً من شروطنا السابقة (خلوها من الأمراض، تعرف تقرأ وتكتب بلغتها، مقبولة الشكل، لم يسبق لها العمل)..؟.
وعلى دروب الخير نلتقي.