أحمد محمد الطويان
أعمل منذ سنة ونصف السنة على كتاب ودليل للمراسم السعودية، وأقوم بجمع المراجع المهمة في هذا العلم المهمل محليًا، ولم أجد مراجع اعتمد عليها سوى الموسوعة الثرية التي أطلقها قبل سنوات الدكتور الخبير عبدالرحمن الحمودي، ومع الاعتراف بثرائها وشموليتها إلا أنها توثق مرحلة محددة، ولم توصلني إلى القواعد الثابتة أو المتغيرة في البروتكول السعودي.
لم توثق الجهات المعنية، والمرتبطة بالعمل البروتكولي هذا الإطار العلمي منذ تأسيسها، ولم نر توثيقيًا للتنظيم البروتكولي بشكل رسمي، وتعامل المراسميون مع الجانب العلمي من وظيفتهم المهمة دون توثيق لها، حيث إن كثيرًا من ضيوف بلادنا، وكذلك السفراء المعينيين، يمنون أنفسهم كثيرًا للوصول إلى معلومات تتعلق في فن البروتكول السعودي، ونجد عملية المراسم، تجري بشكل متغير وغير ثابت، وهذا بلا شك، يحتاج إلى مراجعة دائمة، بالرغم من أنه بالإمكان جعل القواعد مرنة، بحيث تكون على ثلاثة أو أربعة أشكال وخيارات، لكل مناسبة.
لم أفلح في الوصول إلى معلومات تساعدني في بحثي، ولم أتمكن من مقابلة رؤساء المراسم ونوابهم ووكلائهم السابقين، رغم العلاقة التي تجمعني مع بعضهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وكثير منهم لا يفضل الحديث. نحن بحاجة لتوثيق الإرث البروتكولي الملكي السعودي وهو مهم، وهو ثري وممتد، ومستمد من الأخلاقيات العربية الأصيلة، وتوثيقه يؤكد استمراريته، ما يعني أهمية تشكيل فريق أبحاث يعمل على التوثيق، ومساعدة الباحثين، وفتح خزائن المعلومات البروتكولية، وتنفيذ النماذج الأبهى والأرقى في هذا الإطار.
أعلم بأن لدينا في المراسم الملكية، رجالاً أكفاء حصلوا على خبرة واسعة في مجال عملهم سواء من هم على رأس العمل، أو أولئك الذين تقاعدوا، وأتمنى عليهم تدوين ما لديهم، ومراجعة ما ينشر، بتصحيحه أو الإضافة عليه، فالأجيال الجديدة تريد معرفة هذه الثقافة، التي ارتبطت بالدول وعراقتها منذ الأزمان البعيدة وحتى اليوم.
وأعلم جيدًا بأن المراسم الملكية وعلى رأسها معالي الاستاذ القدير خالد العباد، تقوم بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ومجهودات جبارة لتطوير العمل وآلياته، وجعل أدواته عصرية وذكية، وعلى الرغم من أنها مؤسسة رسمية بعيدة عن الأنظار، ورفيعة المستوى، إلا أن الجهد يمكن ملاحظته إعلاميًا، ويتبقى فقط أن يوثق هذا العمل الجبار إعلاميًا وأكاديميًا، وأن يصل إلى المهتمين.
المراسم ليست علمًا هامشيًا، وليست ترفًا، وهي علم ارتبط بالسياسة، وكم من مشكلة بروتكولية تحولت إلى أزمة ديبلوماسية.. إذا المراسم فن وعلم وممارسة راقية لقواعد وأعراف عريقة.. وبالتوثيق العلمي سنضيف إلى مكتبتنا السياسية والديبلوماسية مراجع مهمة في هذا الفن تكون متاحة للآخرين للاستفادة منها.