بريدة - فهد العايد:
دعا صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل ابن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم إلى أهمية أخذ الفتوى من أهلها، من العلماء المشهود لهم بالعلم الشرعي والعقل والحكمة، وعلى رأسهم أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة، قائلاً: إن العلماء هم الراسخون في العلم، والمصدر الحقيقي للفتوى، لا أن تؤخذ من غيرهم؛ حتى لا يكون الجواب عن السؤال في غير مساره الشرعي. وعلى الشباب أخذ فتاواهم من العلماء. مفيدًا بأن الفتوى من غير أهلها تُعد استخفافًا بشرع الله.
مشيرًا إلى أن التقنية سهلت الوصول إلى الفتوى من العلماء المعتمدين، ومؤكدًا أن تخصيص هذه الجلسة عن الفتوى وأهميتها وأهلها وشروطها لما تتعرض له الفتوى من أمور كثيرة عبر القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن أشخاص متطفلين غير مؤهلين لها، وجهال وأعداء للدين.. مشيدًا بما تقوم به القيادة الرشيدة من وضع أولوياتها في خدمة الفتوى في كل أمر من أمورها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أمير المنطقة خلال لقائه الأسبوعي «الاثنينية» في قصر التوحيد بمدينة بريدة، بحضور فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، والشيخ الدكتور عبدالله الطيار عضو الإفتاء بفرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالقصيم، والمشرف العام على الفرع عضو الإفتاء الشيخ الدكتور خالد المصلح. وقد خُصّص اللقاء لمناقشة «الفتوى وأهميتها وأهلها وشروطها».
من جانبه، حذر الدكتور الفوزان من الإصغاء إلى فتوى الجهال، وما ينشر بالمواقع الإلكترونية، وتلقفها من غير تمحيص، ودعا إلى ردها إلى العلماء وأهل الدراية.. مؤكدًا أن الفتوى أمرها عظيم؛ كونها توقيعًا عن الله سبحانه وتعالى.
وفي سؤال عن الجهاد وضوابطه قال فضيلته: إن الجهاد مربوط بولي أمر المسلمين، لا بأمراء الجماعات؛ فهذا أمر خطير، وضياع وهلاك للأمة. والواجب التقيد بما ذكره العلماء في كتب العقيدة، وأقربها ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بأنه لا يؤخذ الجهاد ممن تسموا به، وأصبحوا يسفكون الدماء بغير حق، وهذا جهاد في سبيل الشيطان. ولا بد أن الأمور تسير على المنهج الشرعي والكتاب والسنة، وعلى عقيدة السلف الصالح.. محذرًا من خطورة من يتطفل على العلم ومسائل الدين في الأوامر والفتاوى.
وأشار الشيخ الفوزان إلى أن المظاهرات والاعتصامات ليست من الطرق السلمية التي تتحقق بها المطالب، وليست وسيلة شرعية، بل هي فوضى، والحقوق لا تؤخذ بالفوضى؛ فلدينا مراجع ومحاكم ونظام شرعي يكفل للناس حقوقهم، وأن الخروج في حال الظلم ليس صحيحًا؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اسمع وأطع وإن سُلب مالك»، مبينًا أن الخلافة أمرٌ لها مكانتها في الإسلام، والخليفة من يختاره المسلمون من أهل العقد والحل والعقلاء من الناس. مؤكدًا أن البيعة لا تكون إلا لولي الأمر، وإذا بايع أهل الحل والعقد فالبقية تبع لهم. والبيعة كما قال عنها الإمام الشوكاني - رحمه الله - توزعت الدول الإسلامية، وكل دولة لها حكامها، ولا تتعدى دولة على أخرى، ولا يمكن حصر الناس على إمام واحد.
وبيّن الشيخ الفوزان أن التكفير حكم شرعي، ولا يصدره إلا العلماء الذين أوكل لهم الحكم. والتكفير والردة يترتب عليهما أمور كثيرة، مشيرًا إلى أن كتب العقيدة الموثوقة التي تسير على مذهب السلف الصالح موجودة، وتكفينا عن خزعبلات هؤلاء وعقائدهم التي بنوها على الجهل، وأن من يتكلم في الولاة والعلماء ويطعن فيهم فهذا فعل باطل، ولا أحد معصوم من الخطأ، وجمع الكلمة مطلوب. واصفًا من يدعون الشباب لأماكن الصراع بدعاة فتنة، وغاشين، ويريدون ما يشتت أمر المسلمين.
وفي ورقة قدمها قال الشيخ عبدالله الطيار: إن الفتوى لها أهمية كبيرة ومنزلة عظيمة؛ لأنها تتعلق بالدين، وهو إحدى الضروريات الخمس التي جاءت الشرائع السماوية بكفالتها والعناية بها وحفظها. والفتوى توقيع عن رب العالمين. والرسول - صلى الله عليه وسلم - تولى الفتوى، ثم خلفاؤه الراشدون، ثم العلماء الربانيون في كل عصر؛ فليس كل شخص مؤهلاً للفتوى. مشيرًا إلى أن من يقولون إن من يفتون بهذه البلاد المباركة متشددون، وعلى رأي واحد، هم دعاة للفتنة، ومشيدًا بالتوجيه الكريم بقَصْر الفتوى على العلماء، محذرًا من فتاوى المجاهيل، وهم في الواقع أعداء للدين وهذه البلاد وعلمائها.
من جانبه، قال الشيخ الدكتور خالد المصلح إن من يفتي بغير علم يعد من المفسدين، مؤكدًا أهمية توعية الناس فيمن يأخذون منهم الفتوى.