فهد بن جليد
سألني بلهجته المصرية وخفة دمه كستاند أب كوميدي مصري (يقلب رزقه) في المملكة، كون نظام السعودة وتوطين الوظائف لم يطل مهنة الـ (ستاند أب كوميدي) حتى هذه اللحظة باعتبار الفن (لاجنسية له)، قائلاً: حضرتك مُتأكد إن الناس دي (بتعرف تضحك)؟ أصلهم في الصالة (معبسين شويتين)! كناية عن تخوفه من نوعية وأعمار جمهور إحدى المناسبات، فقلت له بالتأكيد الناس تبحث عن (الفرفشة والضحك) وستكون سعيدة بالاستمتاع بقفشاتك؟!.
الشاب كان خائفاً كونه يقدم فقرة (ستاند أب كوميدي) ضمن فقرات حفل متنوعة، ولجمهور لم يدفع تذاكر لحضور عرض (ستاند أب)، وهو المتعود على الجمهور المُستعد للضحك، بدفع قيمة تذاكر لحضور مثل هذه الفعاليات التي يقدمها.. العبارة الأولى التي استهل بها العرض عند صعوده للمسرح هي (ازيكو ياسعوديين)؟ بطريقة تدل على ارتباكه وتخوفه من تقبل الجمهور له؟ فما كان من الصالة إلا أن ضجت بالضحك والتصفيق، وهو ما جعل الرجل يسترسل - بارتياح - في (الطقطقة) على بعض المواقف والحوارات الاجتماعية التي يعيشها، مما حاز على استحسان الناس و تفاعلهم، بحديثه عن الكرم في الزواجات، قصص الجن في البر، طريقة السلام في المناسبات، وسؤاله عن شخصية (جاد الله على من تكلَّف ) الذي يسمع اسمه يتردد عند كل وليمة؟ دون أن يعرف من هو أو يقابله؟.. إلخ من صور الـ (ستاند أب كوميدي) البريئة والمحافظة على الذوق العام!.
ما لفت انتباهي في هذه التجربة، هو تفاعل الناس مع (طقطقة) الكوميديان المصري، أكثر بكثير من تفاعلهم مع الكوميديان السعودي في مناسبات مُماثلة، ربما لأننا نتقبل (النكته) أو (الأفيه) أو (الموقف) من غير (السعودي) بتجرّد، دون تفسيرات أو تأويلات أو حساسية.. وهذه حالة تفاعلية مُشاهدة عند مُعظم الشعوب الخليجية بالمناسبة، نلاحظها حتى عند استقطاب (معلقين رياضيين) أو (محللين فنيين) من جنسيات أخرى، وتقبل أطروحاتهم بعيداً عن التشنج الرياضي أو الفني الذي يرافق آراء المُحللين المواطنيين في برامج مُماثلة؟!.
رغم أنني لا أتفق كثيراً مع ما يقدمه مُعظم (الكوميديانيين السعوديين) اليوم من عبارات وكلمات وإيحاءات لا تتوافق مع ديننا وعاداتنا وطبيعة مجتمعنا ضمن عروضهم، إلا أنني أخشى أننا نقسو عليهم قليلاً، وكأننا نحضر مثل هذه العروض للبحث عن (الزلات والأخطاء) أكثر من بحثنا عن الضحك والمرح؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.