د. عبدالواحد الحميد
استحوذت قصة الطفلة المعنفة «دارين» على اهتمام وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لأنها قصة مأساوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهي طفلة رضيعة لا تملك من أمرها شيئاً، ومعنِفها هو والدها الذي تجرَّد من المشاعر الإنسانية، فضلاً عن مشاعر الأبوة.
لكن الغريب، وكل القصة غريبة حقاً، هو العذر الذي تذرَّع به والد الطفلة عندما قال إنه «تعرض للسحر»، وأن العذاب الذي ألحقه بالطفلة هو بسبب السحر الذي حدث له، أي أنه معذور لأنه مسحور؛ هكذا بكل بساطة!!
ويبدو أن «السحر» هو العذر الجاهز الذي يلجأ إليه كلُّ من ارتكب جرماً وأراد الإفلات من العقاب. وقد تابع الناس قبل سنوات قصة قاضي المدينة الذي قال إنه تعرض للسحر بعد اتهامه بالتورط في قضايا رشاوى وتدبير استيلاء على أموال وعقارات!
لن أدخل في موضوع السحر، لأن الحديث هنا ليس عن السحر وإنما عن الناس الذين يتذرعون بالسحر أو بغيره من الأعذار الواهية لكي يفلتوا من العقاب، وآخرهم هو هذا الرجل الذي قام بتعذيب ابنته الرضيعة بسبب خلافه مع والدتها، وقام بتصوير فعلته وأرسل المقاطع إلى أم الطفلة المقيمة في مدينة أخرى كي يبتزها ويحصل منها على ما يريده.
لقد كانت المقاطع مؤثرة، ومن المؤكد أنه لا يوجد إنسان بكامل قواه العقلية يمكن أن يرتكب الفعل الوحشي الذي رأيناه في المقاطع. ومن الغريب أن شخصاً بهذه الصفات السلوكية تُتاح له حضانة طفلة رضيعة بصرف النظر عن ملابسات خلافه مع زوجته الوافدة.
لا أعرف كيف يتعامل القضاء مع المتهمين بارتكاب جرائم أو مخالفات عندما يتذرع هؤلاء المتهمون بأنهم فعلوا ما فعلوه بسبب وقوعهم تحت تأثير السحر، لكنني أتمنى ألا يُفتَح هذا الباب الشائك كي لا يلج من خلاله كل من يريد الإفلات من العقاب.
لقد سمعنا وقرأنا عن الحيل التي يلجأ إليها المحامون «الشطار» في بعض البلدان لكي ينقذوا بعض المتهمين الأثرياء من عقوبة الإعدام أو السجن، لكن السحر لم يكن بين هذه الحيل والذرائع، فهل غاب عن أذهانهم ما فَطِنَ إليه البعض عندنا!؟