سعد بن عبدالقادر القويعي
في ظل الظرف العربي الراهن، وفي ظل الأزمة التي كانت تهدّد لبنان باقتصاده، وأمنه، واستقراره، تأتي زيارة -رئيس الجمهورية- ميشال عون، والوفد الوزاري الرفيع الذي يرافقه إلى -العاصمة- الرياض؛ لإعادة ترتيب الخلاف السياسي بين البلدين؛ ولصياغة جديدة لعلاقة لبنان بمحيطه العربي، والخليجي، ودعم عودة الحياة إلى مؤسساته الدستورية، والإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، والانتقال إلى مرحلة الاستقرار، والازدهار.
منذ اتفاق الطائف، لم تقدم السعودية سوى المساندة لدولة لبنان، وشعبها، حين وجدت إيران مصرّة على التدخل في لبنان، وفي المناطق المحيطة بها؛ ولتواجه السعودية مجبرة المخاطر خارج حدودها بترحيل خطوطها الدفاعية، بعيدًا عن مثيرات الصراعات الداخلية في لبنان، وذلك في ظل تحديات -إقليمية ودولية-، وفي ظل تحديات -اقتصادية ومجتمعية-، وتحولات في الخريطة الإقليمية.
تحمّل الحكومة الجديدة لمسؤولياتها، سيكون انتظار الجديد القادم على الطريق، وهو بيت القصيد في القضية اللبنانية، -باعتبار- أن الخيار - مفصلي وتاريخي-؛ كونه يمثل مفترق طرق، وهو ما أكده -الرئيس السابق للجمهورية اللبنانية- العماد ميشال سليمان، بأن: «لبنان -اليوم- تحت رئاسة جمهورية واضحة، ونحمد الله بأن -الرئيس- عون اتجه باتجاه الطريق الصحيح، وتوطيد العلاقات، واسترجاع ما فقده لبنان، في ظل علاقة مع المملكة التي هي رمز للاعتدال، ومحبة للشعب اللبناني؛ وحتى يعود لبنان فاعلاً متفاعلاً مع محيطه العربي».
من قرأ التاريخ جيداً، واستوعبه، سيطمئن إلى أن عدم المسّ بهوية لبنان، وانتمائه العربي، تقتضي أن يكون عضواً فاعلاً في حاضنته العربية، بعد أن جرت محاولات بإبعاده عنها، وإدخاله في مسارات مخالفة لانتمائه، ولا تتوافق مع مصالحه العليا؛ باعتبار أن التوترات تدفع إلى خليط من المخاوف الأمنية في المنطقة، ما يلزم تحديد أنماط الصراع، ومخرجاته في ظل بيئة إقليمية ملتهبة، تموج بالصراعات المذهبية، والطائفية.
لبنان -اليوم- يحاول أن يستمر وطناً، وحزب الله يحاول أن يضرب بمصالح لبنان الاقتصادية، والسياسية، والأمنية عرض الحائط، عندما حاول تفضيله نحو التحالف مع دولة الملالي على علاقاته بالعرب، وأنه جندي تابع لولاية الفقيه، كما إن الحزب هو المسؤول عن الفراغ الرئاسي، وعن شلل الحكومة اللبنانية -أكثر من سنتين ونصف-، وهو يدير لبنان خارجياً، ولم يتردد في إبداء تأييده للنظام السوري المتحالف معه، ومع إيران، كما سهّل مهمة ذراع إيران؛ للتحكم بمفاصل السياسة، وصنع القرار في بيروت، وعمل على تفريغ الدولة اللبنانية من الكفاءات -السنية والمسيحية-، -وبالتالي- لا تلحظ في هذه السياسة سوى إمكانية أن يفلت عقالها من يد الجميع؛ لتذهب الأمور نحو المجهول.