سعد الدوسري
ذات صباح غير كل الصباحات المتشابهة، وقفت فتاة اسمها مريم، أمام مرآتها الحميمة في غرفتها، ورأت غير ذاتها.
رأت «مريماً» أخرى، واحدة لا تعرفها.
حدقت بصمت طويل، وأخذت تتأمل في المرآة.
سحبت مريم مقعداً قريباً وجلست. اعتدلت في جلستها، وكأنها في حضرة فنان ماهر.
وجهها كان مقطباً، وتغمره بقايا تعب جسدي وسأم مرير. رفعت يداً وأرخت شعرها فانتثر على كتفيها، وطارت خصلة صغيرة وحطت على شفتيها.
غجرية رأت نفسها تتهيأ للرقص.
كان يراود مريم حلم صغير وقديم، أن ترى نفسها ترقص.
هاهي الآن والمرآة أمامها، والبيت والصباح خاويان.
انسلت من المرآة والمدى الفضي واحدة، تنوء بجسد صاخب قد انفلت من قيدهِ كماءِ النوافير، وانتثر في الهواء.
اصطخب الجسد المجنون ومنح الروح بهجتها وحلمها الطفيف.
قامت مريم من مقعدها. أطفأت المرآة. زينت شعرها وعكفت على رسم ابتسامة فائضة وخرجت من غرفتها!
* قصة قصيرة للفقيد صالح الأشقر، رحمه الله.
يمضون، وتبقى أوراقُهم على طاولةِ الوقت،
تحرسُ الهواء.