جاسر عبدالعزيز الجاسر
في إحدى المناسبات استقبلت عددا كبيرا من الأصدقاء والمعارف، فضلاً عن الأهل والأقارب، كانت المناسبة عزاء أقامه الأهل بعد وفاة الوالدة -يرحمها الله-، وكعادة أهلنا جميعاً السعوديين توافد إلى منزلي العديد من الزملاء والأصدقاء الكثر الذين حالت مشاغل الدنيا وهمومها عن تواصل لقاءاتنا، إلا أن السعوديين جميعاً لا يمكن أن يتخلفوا عن أداء واجب العزاء ولا تلبية دعوة زواج، وكان علينا -أنا وإخواني وأبنائي- أن نوضح عنوان المنزل بدءاً بذكر الحي ومن ثم الشارع الرئيسي، وبعدها الشوارع الفرعية، ولا بأس بوضع نقاط يقف فيها الأبناء وأبناء الإخوان ليكونوا أدلاء لمن تكرّم بحضور العزاء.
كثير من الإخوان والأصدقاء استفسر عن عنوان المنزل، وبعد استيعابه المكان -بعد شرح- يصل -بحفظ الله- إلى مكان العزاء، يومها اتصل الأخ العزيز جداً تركي بن ناصر السديري الكاتب الرياضي الرائع، وطلب عنوان المنزل، وبدأت أعدد له أسماء الشوارع التي ستقوده إلى منزلنا، ورغم أن المناسبة حزينة، فالحضور للعزاء وحتى إن كان واجباً، إلا أن الحضور كانوا يتجنبون مواقف السخرية وغيرها، إلا أن العزيز تركي الناصر السديري قال من باب السخرية أو تبرماً من أسماء الشوارع، ما هذه الأسماء معظمها للخوارج؟.. وبعد انتهاء المناسبة ظلت ملاحظته عالقة في ذهني، وفعلاً بدأت أنقب في الكتب التراثية والتاريخية لأعرف اسم الشارع الذي يوضح عنوان منزلي، والشوارع الأخرى، وفعلاً وجدتها لأسماء مستخرجة من بطون الكتب ولا يعرفها معظم من فرض عليهم عنوان محل إقاماتهم، فمن الأسماء من عاش في العصر الجاهلي والبعض في العهد الأموي وآخرين في العهد العباسي، وقليل منهم من أبناء المملكة المعاصرين أو ممن ساهموا في إقامتها وإنشائها من قادة وملوك المملكة والأمراء الأجلاء وعدد من العلماء والأدباء، وهؤلاء تبقى أسماؤهم في الذاكرة وتسهل كثيراً على من يقصد المكان الذي يقع في شارع يحمل اسم علماً من أعلام المملكة وليس اسماً مستخرجاً من بطون الكتب الصفراء، ولقد سعدت كثيراً بالمقترح الذي قدمه الدكتور علي سعد الموسى في زاويته التي ينشرها في الصفحة الأخيرة من الزميلة الوطن، الذي يعرض فيه استبدال أسماء من استخرج من بطون الكتب بأبطال المملكة من الشهداء الذين أثروا أرض الوطن بدمائهم الزكية وقدموا أرواحهم شهداء للوطن بعد أن نذروا أنفسهم دروعاً لحماية أرضهم وأهلها لصد عدوان من يستهدفون الأرض والعرض، وأن تحمل أسماء الشوارع أسماء هؤلاء الشهداء، لماذا لا يكون اسم شارع يدل ويذكر ببطولة واحد من أبناء المملكة؛ سواء من استشهد أو من قدّم دروساً للفداء والتضحية والفداء، وأن نرى اسم جبران عواجي بدلاً من اسم لا نعرف حتى نطقه استُخرِج من بطون الكتب وفرض على سكان الحي.
أمامكم قائمة من الأبطال السعوديين سواء من ضحوا بأرواحهم في الحد الجنوبي أو ممن يحمون أمن الوطن وأهله في مكة المكرمة والرياض والشرقية والمدينة المنورة وكل مدن المملكة من أبناء المملكة من رجال القوات المسلحة ورجال الأمن الذين سنسعد جميعاً عندما نستقبل أمامنا أسماءهم على نواصي شوارع مدننا.