ناصر الصِرامي
تعابير عامة لكنها تكاد تصبح أساطير شعبية، لا تخلو من مغزى أو معنى..!
لكنها تحدث الآن لتخبرنا عن المستقبل مستقبل صناعتنا الإعلامية في سياق المؤسسات التقليدية.
كانت الصحف -الجرائد- هى المصدر الأبرز للأخبار والمعلومات، وحتى الآراء. وهذه بقيت وظيفة الصحافة دوماً، ولأنها المصدر الأبرز فقد تتضارب أخبارها، ومع زيادة عدد الصحف والمتابعة الدقيقة من القراء، فقد ظل محتواها هو سالفة كل مجلس وتجمع، ومتى ما تصادمت معلومة منشورة مع معلومة أخرى منشورة أو مفترضة أو رأي لرأي، كان المخرج أنها «كلام جرائد».. وينتهي الصدام. ويتوقف الجدل.. لكن قيمة الصحف ظلت باقية.. وهي وجبة ثابتة للقارئ والمنتقد..!
لكن ذلك كان هو التأكيد لأهمية الصحف كمصدر للمعلومة والمعرفة.
الآن نحن قفزنا لمرحلة «من يقرأ الجرائد -الصحف- ؟!. وهو سؤال استفزازي للصحف نفسها قد تسمعه أحياناً في حوار تلفزيوني،
لكن المقصود «من يقرأ الصحف الورقية»؟!
الاختلاف في الوسائط لا يؤدي إلى موت المهنة -أي مهنة- لكنه يغير الكثير من ملامحها، وهنا يتدخل في صياغة المحتوى وأسلوب تقديمه وعرضه.
الورق وسلة للتوثيق ونقل المعلومة، لكنه حتى الآن غير قادر على التفاعل، ومواكبة السرعة التي تتم لها اليوم تناقل الأخبار والآراء والقصص.
في المرات القليلة التي تجد نفسي ممسكاً بجريدة، وهو أمر يحدث في الطائرة وفور تعطل خدمة (الواي فاي)، أشعر برغبة عند قراءة موضوع أو مطالعة صورة أو مقال أو عنوان لافت، أشعر برغبة ملحة لمشاركة الموضوع مع الآخرين، أو مطالعة التعليقات وردود الأفعال. لكن هذا الأمر تعجز الصحيفة الورقية بطبيعتها وبحسب واقعها وإمكانياتها أن توفره!، وقد يحدث إن توفر وقت أن أعود للموقع الإلكتروني للمشاركة والتفاعل، لكن هذا لا يحدث دائماً، فالعلاقة اليوم مع المحتوى لحظية ولا مجال للانتظار لساعات أو اليوم التالي.
كما أن محتوى «الجرائد»، الصحف الورقية يواجه عقبات كبرى تتعلق بالتوزيع المكلف والمتأخر أيضا، مقابل النسخ الإلكترونية والخدمات الرقمية وسرعة تحديثها اللحظي.
إنقاذ الصحف «الورقية» ليست مهمة سهلة، بل هي مستحيلة مع كل هذا الضغط الهائل اقتصادياً وتقنياً، وحتى مهنياً فبما يتعلق لحرية وسقف الطرح مقارنة بشبكات التواصل ومواقع الأخبار والآراء.. والتطبيقات التي تتكاثر باستمرار.