أحمد المغلوث
التاريخ. يعيد نفسه كثيرا وهذا لبس بالغريب ولا العجيب فهذا اليوم يذهب وغدا يوما جديد وكأنه يعيد نفسه ولكن بملابس جديدة. والذي أتيح له دراسة التاريخ والتخصص فيه كشخصي المتواضع وملايين غيري وجدوا خلال دراستهم واهتماماتهم بكل ما يتعلق به من شؤون وشجون ومعلومات ووثائق وصور أن التطور الإنساني يسير في اتجاهات مختلفة فكرية تتغير معها نظرة الواحد منا للحياة وما فيها من أحداث وحوادث ومن ثم إدراكه لمفاهيمها وموقفه أيضا إزاءها.. وبدون الوعي بحركة التاريخ ونشاطه وفعالياته في بلادنا وغير بلادنا. وحتى على المستوى الذاتي وبدون فهمنا للماضي وما فيه من أعمال وأخطاء ارتكبناها بحسن نية لا يمكن لنا تحقيق نجاح في الغد أو حتى في المستقبل.. وما أحوج دول العالم جميعها وما فيها من شعوب لفهم وسبر تاريخها وتاريخ الأمم غيرها والتعلم مما حدث فيها من نجاحات وإخفاقات. لقد تعلمت اليابان الكثير من تجربة هزيمتها مع أمريكا. فتوجهت إلى التكفير عن أخطاء ماضيها وما ارتكبته من حروب أضاعت عليها الكثير من المال وحتى مئات الآلاف من أبناء شعبها.
فقامت بتغيير سياستها العدوانية واتجهت إلى المزيد من العلم والمعرفة وحتى المحاكاة وبدلا من إرسال الجواسيس في دول العالم من أجل العدوان أرسلت الطلاب للدراسة في أوربا. وما هي إلا سنوات وإذا بالإنتاج الصناعي الياباني يغزو مختلف دول العالم.
وبالطبع استطاعت اليابان خلال العقود الماضية أن تغزو أمريكا في عقر دارها من خلال إنتاجها الصناعي الذي تميز بالتقنية العالية التي أذهلت خبراء الصناعة في أمريكا وأوربا وباتت صناعتها في مختلف مجالات الصناعة وعلى الأخص الإلكترونية والمركبات تحتل القمة في صادراتها لدول العالم بل ساهمت كثيرا في إثارة حفيظة رجال الصناعة في هذه الدول وراحت تحاكي بطريقة غير مباشرة ما تنتجه اليابان فاتجهت مثلها لإنتاج السيارات الصغيرة مما أتاحت الفرصة لمواطنيها في سهولة الحصول على سيارة صغيرة وجميلة وبسعر مناسب. وجميعنا شاهد خلال الأفلام الأمريكية كيف بات الشعب الأمريكي يستخدم الإنتاج الياباني بل ويفضله على إنتاج وطنه.. لقد حقق إمبراطور اليابان ما وعد به شعبه بعد توقيعه وثيقة الاستسلام لأمريكا بعد إحداث قنبلتي نجازاكي وهورشيما. اطمئنوا سوف نغزوهم بعزيمتنا و بإنتاجنا. وهذا ما حصل بالفعل فمنذ خمسينات القرن الماضي والإنتاج الياباني يتسيد الأسواق في العالم. وهكذا يستطيع الإنسان بعزيمته وقدراته وإصراره على تغيير جوانب من التاريخ لصالح يومه وغده وحتى مستقبله..وماذا بعد بدون الوعي بحركة التاريخ لا نستطيع المضي للأمام بخطوات ثابتة وواضحة المعالم مستفيدين من تاريخ الشعوب وإبداعها في مختلف المجالات. فالتاريخ قبل وبعد مدرسة بل جامعة كبيرة تعلمنا الكثير الكثير ولا يمكن بناء مستقبل الأمم دون التعمق فيما تركه الآخرون لنا من ميراث عبقري في العديد من المجالات والألوان الثقافية والصناعية المتعددة من الشرق والغرب ومن الشمال والجنوب..؟!
تغريده : قلوبنا جميعا مع طلابنا وطالباتنا وهم يقدون امتحاناتهم. ولا نملك لهم إلا الدعاء والنجاح والتوفيق..حقق الله لهم كل تطلعاتهم وأمانيهم إنه سميع مجيب..؟!