عبدالله العجلان
قبل الحديث والاستغراب من اختيار عبد الهادي الحبابي رئيساً لاتحاد كرة الطائرة رغم كمية تغريداته المتهورة الموجهة لنادي الهلال ونجومه وبطولاته، فإن الأغرب والأسوأ بالنسبة لي كيف كان يحمل عضوية شرف كيان كبير بنجومه ورجاله وجماهيره وإنجازاته بحجم نادي النصر؟! لماذا لم يحترم قيمة ويفهم معنى ومسمى ويدرك أهمية هذه العضوية؟! كيف مرر عقلاء النصر من أعضاء شرف وإداريين وإعلاميين وجماهير له هذا التجاوز الفج الذي يشوه صورة وسمعة وثقافة ومكانة النصر قبل أن يكون إساءة وتطاولاً على الهلال؟!
في الأسبوع الماضي كتبت هنا عن تجاوزات الإعلاميين، وأنهم تعدوا مسألة التعصب ليصلوا إلى مرحلة الكذب والتجني والافتراء، اليوم تطور الأمر وصرنا أمام نموذج أخطر وأكثر ضرراً من الإعلاميين وهم أعضاء الشرف، الذين من المفترض أن يكونوا واجهة النادي والقدوة الحسنة لجماهيره ولاعبيه وكافة منسوبيه، والداعمين المؤثرين عليه مادياً ومعنوياً، لا أن تكون عضويتهم الشرفية مصدر قلق وإزعاج وإشغال للنادي في ملاسنات تافهة سخيفة..!
الأكيد، ومن خلال ما نسمعه ويتم تداوله والتفاعل معه من الجماهير هو أن عضو شرف النصر الحبابي وآخرين قبله ومثله لم يهبطوا إلى هذا المستوى في اللغة والتفكير والتعامل مع المنافسين إلا لأنهم نتاج ثقافة الغوغائية وبيئة الضجيج وجدوا من الجماهير والإعلاميين المتعصبين وربما الإداريين من يصفق لهم ويؤيدهم، بل ويصنع منهم أبطالاً أفذاذاً وأعضاء شرف أوفياء ومخلصين، ليس بسبب مواقفهم المشرفة، ولا في دعمهم المادي أو دفاعهم عن حقوق النادي، وإنما في شتائمهم وإساءاتهم وتطاولهم على النادي المنافس، ورأينا مثل الحبابي من يتحدث بصفته عضو شرف، وهو لم يسدد رسوم العضوية ولم يعرف عنه أنه دعم أو تبرع، لغته الهابطة هي من جعلته عضو شرف شهير وصديق دائم للبرامج، بينما الأعضاء الداعمون المعروفون بإسهاماتهم وتاريخهم المضيء غائبون أو مغيبون تماماً..!
آفة الاختيار
فيما يتعلق بفضيحة اختيار الحبابي لرئاسة اتحاد كرة الطائرة، فقد سبق أن طالبت وتحديداً بعد نتائجنا المخيبة في أولمبياد ريو 2016 م بأن يكون منصب رئيس اتحاد أي لعبة منتخباً وليس معيناً، وإن لم يكن كذلك فلا بد من إقرار آلية ووضع شروط ومواصفات يتم على ضوئها ترشيح أكثر من اسم من خلال لجنة موثوقة ومتخصصة، وهنا أشير إلى أهمية أن نتخلص من أسلوب الاختيار بالأهواء ومجاملة الأقرباء والأصدقاء، وأن يكون المعيار الأول والأخير هو كفاءة وخبرة وسيرة واستعداد الشخص لتولي المنصب، وسبق أن قلتها أكثر من مرة، وفي أكثر من قرار اختيار: لا يقتصر اختياركم على الأندية والمدن القريبة منكم، وابحثوا عن الكوادر المتميزة المؤهلة في الأندية البعيدة عن الأنظار والأضواء..
لو طبقت اللجنة الأولمبية القليل من هذه الشروط لما ورطت نفسها وورطت كرة الطائرة السعودية برئيس لديه تاريخ مليء بالمهاترات والإسقاطات والعبارات العنصرية البغيضة، والتي بالتأكيد ستنقص من قيمته وقدره على المستوى العملي، وستجعله دائماً في دائرة النقد والاتهام وانعدام الهيبة وضعف الشخصية أمام جميع المنتمين لاتحاد الطائرة سواء داخل الاتحاد أو في الأندية والمنتخبات، فضلاً عن صورته المهزوزة في نظر الكثيرين في الوسط الرياضي..
بالمناسبة، ومثلما ذكرت في البداية لدينا في الشأن الرياضي أزمة ثقافية تتعلق بتسويق ونشر لغة الكراهية وتمزيق المجتمع الرياضي بمشاحنات لا يقرها دين ولا عقل ولا منطق، وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه ولم تجد من يردع متهوري تويتر والبرامج الرياضية، أو يقف في وجه المسيئين ويرفضهم ويندد بهم من المتفقين معهم في الميول، فسنرى مستقبلاً في اتحاداتنا وأنديتنا وإعلامنا ومجتمعنا بصفة عامة أكثر وأسوأ من نوعية عبد الهادي الحبابي..
لغز الاحتراف؟!
حينما أنظر لحجم الديون الهائلة والموثقة بالحقائق والأرقام على بعض الأندية، والمشاكل والقضايا والشكاوي وحالات التذمر من اللاعبين بسبب عدم استلامهم لرواتبهم ومستحقاتهم أتساءل: كيف سمحت لجنة الاحتراف لهذه الأندية بالتسجيل في الفترات السابقة؟ من غيّب الأنظمة الواضحة والصريحة في هذا الشأن؟ لماذا لم تعد اللجنة تمارس شفافيتها ودورها القوي المنضبط الذي منحها التميُّز والنجاح في بداية عملها؟
حتى لا تتمادى الأندية في مشاكلها كما حدث للاتحاد والشباب، وكي لا تتصاعد لاحقاً إلى عقوبات أشد وأقسى، نتمنى من لجنة الاحتراف برئاسة الدكتور عبد الله البرقان إعادة ترتيب وتنظيم أدائها، ووضع حد للاستثناءات والتدخلات والضغوط المربكة لعملها، وأن يكون لها موقف حازم في اتخاذ قراراتها لحماية استقلاليتها وتحقيق مبدأ العدالة وحفظ حقوق الجميع..