كوثر الأربش
بعد عامين من الفراغ السياسي في لبنان، وثبت لبنان من محورها، تمردت على إرادة حزب الله في أن تخرج من الحضن العربي، وتنفرد بالمواقف تجاه القضايا الإقليمية المهمة. أذكر أني في فبراير 2016 الماضي كتبت مقالاً بعنوان (لبنان عد إلى «لبنان»). وها نحن في غرة العام الجديد، وبعد أن سعدنا بانضمام عمان للتحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة المملكة، تحقق المملكة انتصارًا جديدًا في حرب التحييز الذي تحاول إيران أن تضعها بين أنيابه. قبل ستة أشهر فقط تفوقت إيران في علاقاتها العامة على المملكة، وكان يتراءى للبعض أن المملكة تقع في فخ حصار جيوسياسي عام. الدهشة الحقيقية ما يحدث الآن من استعادة الحلفاء، واحدًا، واحدًا.. لبنان كانت إحدى الأوراق التي سعت حزب الله أن تبقيها محجوبة وخطرة، إلا أن عون تمرد على سياسة الحزب الاستبدادي، وجاء ممثلاً لبنان، بكامل أطيافها، لإعادة العلاقات التاريخية مع المملكة، في الزيارة الأولى في جدوله الرئاسي. هذا الاختيار يشي بأن لبنان تعي أهمية المصالح الاقتصادية والسياسية بين البلدين. أما السؤال: لماذا المملكة؟ إن الدعك يكشف الأصيل من المزيف.. وما مرَّت به بلادنا من أزمات وحصارات ومحاولات تشويه صب في صالحها دون شك. فقد بدت سياستها واضحة للعيان على أوجه عدة، أهمها: أن المملكة، وفي كل الظروف، تحترم سيادة الدول، ولا تتدخل في الشؤون الداخلية، لا تروج الثورات، ولا تشترط في علاقاتها العامة رضوخ الطرف الآخر لها أيديولوجيًّا أو اقتصاديًّا أو سياسيًّا. هذا ما أكده الملك سلمان، موجهًا خطابه للرئيس عون: «إن بلادنا لا تتدخل في شؤون لبنان، وتترك للبنانيين أن يقرروا شؤونهم بأنفسهم». هذا الأمر جعلها حليفًا لا يعوض، ويضاعف قيمتها مقابل إيران التي تسعى لإلغاء الحريات السياسية، وتتبع سياسة التبعية. لن تسمع حليفًا للسعودية يقول ما يقوله حلفاء إيران، مثل نصر الله أو عبدالملك الحوثي، اللذين يصرحان بكل فخر في غير مناسبة بأنهما تابعان منصاعان لإيران.
ما حدث في الرياض عودة لبنان لاحترام سيادتها، تغليب للمصلحة الوطنية، وترتيب للأوراق من جديد وفق نظرة أكثر بعدًا ورصانة. عهد جديد يبشر باستقرار أمني ونمو اقتصادي للبنان، وعلاقات أكثر متانة للبلدين.